وجوابهُ : إنّنا في حدود تصوّرنا الممكن لنا ، يمكننا أن نحدِّد ونُعدّد عدّة مصالحة حقيقيّة ومهمّة لذلك ، نوجزها فيما يلي :
أوّلاً : إنّهُ أخذَهم امتثالاً لأمر الله سبحانه ؛ لأنّه هو الذي أمرَه بذلك.
وهذا صحيح أكيداً ، ومن شواهد تلك العبارة الواردة : «شاء الله أن يراهنّ سبايا» ، ولكنّنا إذا أردنا الغرض من الحكمة الإلهيّة في ذلك ، وإنّ الله سبحانه لماذا أمرهُ بذلك ، لم نجد في هذا السبب وجهاً كافياً ، فنعود إلى الوجوه الأخرى التالية.
ثانياً : إنّه أخذهم معهُ ليشاركوه في نيل الثواب العظيم المذخور لشهداء كربلاء ، كلّ منهم بمقدار استحقاقه ، فلماذا يكون الثواب حكراً على الرجال دون النساء ، ولماذا يكون له منه حصّة الأسد ويُحرم الباقون ، بل الثواب ينبغي أن يوزّع على أوسع نطاق ممكن؟ وهكذا كان.
ثالثاً : إنّهم جاءوا معهُ بطلبٍ منهم (١) ، وقد استجابَ لطلبهم فأخذهم معه. وقد جاء هذا الطلب حُبّاً لهُ وشوقاً إليه واستيحاشاً من فراقه ، وليس كلّ ذلك أمراً دنيوياً فحسب ، بل هو كذلك بصفته إمامهم وقائدهم ووليّ الله بينهم ، مضافاً إلى توقّعهم نيل الثواب معه ، كما أشرنا في الوجه السابق.
رابعاً : إنّهم جاءوا معهُ أو إنّه أخذَهم معه ، بحسب الحكمة الإلهيّة ليُكملوا ثورة الحسين بعد مقتله ، كما حصلَ ذلك على أفضل وجه ، وذلك بأن يكونوا ناطقين أمامَ المجتمع بأهداف الحسين وأهميّة مقتله والإزراء بأعدائه ، ويمارسوا الإعلام الواسع حينما لا يكون الرجال قادرين على ذلك بعد موتهم واستئصالهم.
__________________
(١) البحار للمجلسي ج ٤٤ ص ٢٧٣ ـ اسرار الشهادة للدربندي ص ٢٢٧.