ثالثاً : إن كان لا يريد ذلك فليتحمّل القتل في المدينة المنوّرة ، ولا حاجة إلى أن يخرج إلى العراق ، لكي يكون هو المقتول ولا يكون على عياله بأس ، وقد وردَ عنه : «إنّ القوم إنّما يطلبونني ، ولو أصابوني لذُهلوا عن طلب غيري» (١).
رابعاً : إن كان يريد الخروج إلى الكوفة ، فليَدَع عياله في المدينة مرتاحين في طيب العيش ، حتّى يصل إليهم تارةً أخرى ، أو يصل إليهم خبر مقتله.
وهنا قد يخطر بالبال : أنّهُ أخذَ عيالهُ معه لأجل قيامهنّ بالخَدَمات الاعتياديّة في الأسرة : كتقديم الطعام ، وغَسل الثياب.
وجوابهُ : إنّ هذا من خطل القول ؛ فإنّ هذه المهمّة ممكن أن تكون موكولة إلى بعض الرجال المرافقين له ، كما يمكن استئجار نساء اعتياديّات يقُمنَ بها ، ولا تكون هذه المهمّة مبرِّراً لاصطحاب النساء الجليلات معهُ كزوجاته ، وبناته ، وأخته ، وغيرهنّ من الهاشميات. إذاً ، فتعريضهُ لهنّ للتعب والسهر أوّلاً ، وللسبي ثانياً ؛ إطاعة لله عزّ وجل حين قال (ع) : «شاءَ الله أن يراهنّ سبايا على أقتاب المطايا» (٢). ولكثيرٍ من المصاعب الأخرى ، دليلٌ صريح على أنّهُ عليهالسلام لم يهتمّ بهم الاهتمام الدنيوي المتوقّع من أيّ واحد من أهل الدنيا ، أمّا أنّهُ عليهالسلام لماذا أخذَ عيالهُ معه؟ فهذا ما سنُجيب عليه في سؤالٍ آت.
نعم ، ينحصر الاهتمام بالعيال بمقدار الضرورة ، وقد فعلَ ذلك سلام الله عليه ؛ وذلك أنّه هو المسؤول الحقيقي والرئيسي عنهم أمام الله سبحانه ، فلا يمكنهُ التخلّي عن وظيفته الشرعيّة تجاههم ، وذلك في عدّة أمور :
__________________
(١) مناقب ابن شهرآشوب : ج ٣ ، ص ٢٤٨ ، أمالي الصدوق : مجلس ٣ ، ص ١٣٨ ، الطبري : ج ٦ ، ص ٢٣٨.
(٢) البحار للمجلسي : ج ٤٤ ، ص ٣٦٤.