النص نفسه وإنّما نتج عن اتجاه نفسي خاص عند العالِم ، ويمكن أن يكون نهي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو إجراء معيّن اتخذه في تلك الحالة والفترة بما أنّه ولي الأمر المسؤول عن رعاية مصالح المسلمين ، وحينئذ يكون النهي نهياً ولائيّاً بما أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو حاكم المسلمين.
وقد نبّه الإمام الباقر عليهالسلام في صحيحة محمّد بن مسلم وزرارة حيث سألاه عن أكل لحوم الحمر الأهليّة فقال : « نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أكلها يوم خيبر ، وإنّما نهى عن أكلها في ذلك الوقت لأنّها كانت حمولة الناس ، وإنّما الحرام ما حرّم الله في القرآن » (١). وفي صحيحة محمّد بن مسلم عن الإمام الباقر عليهالسلام قال : « نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أكل لحوم الحمير ، وإنّما نهى عنها من أجل ظهورها مخافة أن يفنوها وليست الحمير بحرام ، ثمّ قرأ هذه الآية : قل لا أجد فيما اُوحي إلي محرّماً على طاعم يطعمه ... » (٢).
إذن موضوعيّة البحث في النصوص الشرعيّة تفرض على الباحث إستيعاب كلا هذين التقديرين ، وتعيين أحدهما على ضوء صيغة النص الظاهرة.
فالنتيجة : لا يجوز أن يكون عند الباحث في مسألتنا موقفاً مسبقاً معيّناً يقول بوجوب أن يعوّض الضرر الذي حدث لهذا الفرد نتيجة معاملة قد قام بها بكل اختياره وإرادته مادام لا يوجد دليل ظاهر من الشريعة الإسلاميّة على تعويضه ، بل ربمّا يكون الحكم بتعويضه مخالفاً لمباديء الشريعة الحقّة ، فالنظر الموضوعي في بحثنا الذي نريد أن نبحثه يدعونا إلى فحص الأدلّة الشرعيّة للحكم بتعويض الضرر أو عدم الحكم به.
وبعد هذه المقدّمة نقول :
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٦ ، باب ٤ من أبواب الأطعمة المحرّمة ، ح ١.
(٢) المصدر السابق ، ح ٦.