١ ـ من الأرجح تغيير خطة البحث من عموم اللفظ وجنسية الألف واللام ، الى مراجعة الآثار التي ذُكرت لنرى إن كانت تثبت فقط حرمة الربا الجاهلي ، أو أنها لا تحصر الربا المحرم بالجاهلي المتقدم ذكره وإنما تشمل معاملات اخرى كانت تسمى بربا الجاهلية ؟
٢ ـ ثم بعد ذلك : نرى الآيات الاخرى التي نزلت في تلك الفترة من الزمن ، هل المقصود منها نوع خاص من المعاملات الربوية أم تشمل كل المعاملات الربوية الموجودة في ذلك الوقت ؟ وأما آية : ( أضعافاً مضاعفة ) فهي تريد لفت نظر المرابين الى النتائج الفضيعة التي يسفر عنها الربا. ؟
البحث الأول : نقول : إن الآثار المتقدمة وغيرها لاتحصر معنى « ربا الجاهلية » بالمعنى الذي ذكر ، وإنما يذكر له معنى آخر وهو « القرض بفائدة » ، وقد ذكر الفخر الرازي موضحاً المعاملة التي كانت جارية آنذاك فقال : « إعلم ، أن الربا قسمان : ربا النسيئة وربا الفضل. أما ربا النسيئة فهو الأمر الذي كان مشهوداً متعارفاً في الجاهلية ، وذلك أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدراً معيناً ، ويكون رأس المال باقياً ، ثم إذا حلّ الدين طالبوا المديون برأس المال ، فإن تعذر عليه الأداء زادوا في الحق والأجل ، فهذا هو الربا الذي كانوا في الجاهلية يتعاملون به » (١).
وهذا وإن كان فهماً خاصاً له ، إلاّ أنه يكشف عن معاملة ذلك الزمان بحسب رأيه في الأقل ، كما أن الآثار المتقدمة لم نستفد منها إلاّ فهمهم الخاص للربا المسمى بالجاهلي.
وفي هذا المعنى الذي ذهب إليه الفخر الرازي ماذكره الجصاص في « أحكام
__________________
(١) « مفاتيح الغيب » المشتهر بالتفسير الكبير ج ٧ ص ٩١ ( طبعة مصر ـ المطبعة البهية ).