إذن عدم وجود أي نص على وجوب أن يدفع المشتري القيمة الشرائيّة للثمن حين العقد ، ووجود الإمضاء الشرعي على وجوب رد نفس الثمن المتفق عليه بين الطرفين حين الأجل ، دليل على أنّ الواجب هو الأداء بنفس كميّة الثمن ( سواء كان نقداً أو عروضاً ) سواء نزلت القيمة الشرائيّة أو ارتفعت أو بقيت كذلك من دون زيادة أو نقصان.
ويمكن أن يستدلّ لما قلناه بالأولويّة المستخرجة من مسألة في الغصب أو الجحود وهي :
مسألة : إذا غصب أحد من آخر مالاً أو جحده عليه ، ثمّ وقع بيد المجحود أو المغصوب مال الآخر فما هو الحكم ؟
الروايات هنا كثيرة تقول بجواز أخذ مقدار المال المغصوب أو المجحود لا أكثر ، ومن هذه الروايات نفهم الحكم في القرض والبيع نسيئة ، إذ أنّ الصورة الاُولى وهي الصورة الغصبيّة والإعتدائيّة المحرّمة لم يُجِز الشارع إلاّ أخذ مقدار المال المغصوب أو المجحود لا أكثر ، فكيف بصورة القرض الذي حدث برضا المقرِض ولم يكن هناك اعتداء من المقترض ، وكذا الأمر في البيع الذي يكون فيه الثمن مؤجلاً ، إذن بالأولويّة يكون الحكم هو ردّ مثل المال المقترض أو قيمته وقت القرض. واليك الروايات :
١ ـ صحيحة أبي العبّاس البقباق : « إنّ شهاباً ما راه في رجل ذهب له بألف درهم واستودعه بعد ذلك ألف درهم ، قال أبو العبّاس فقلت له : خذها مكان الألف التي أخذ منك ، فأبى شهاب ، قال : فدخل شهاب على أبي عبدالله عليهالسلام فذكر له ذلك ، فقال : أمّا أنا فأحب أن تأخذ وتحلف » (١).
٢ ـ صحيحة ابن مسكان عن أبي بكر الحضرمي ، قال : « قلت له ( للإمام
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ٢ ، باب ٨٢ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٢.