ومعناه : ان يطلب غيره من المسلمين ابتياع الذي يريد أن يشتريه ، ويبذل زيادة عنه ليقدمه البائع او يطلب البائع بيع سلعته بسعر اقل مما اتفق عليه البائع مع المشتري او يبذل شخص آخر غير المتساومين الى المشتري متاعاً غير ما اتفق هو والبائع عليه. فنرى أن احد المتبايعين قد ركن في المعاملة الى الآخر ولم يبق الا العقد والصفقة ، فاذا أراد أحد أن يدخل في ما بين المتراكنين ليفسد عليهما صفقتهما فيكون مشمولاً لهذا النهي ، وهذا النهي دالٌ على الحرمة ظاهراً ، فقد يقال بتعارضه مع صحة عقد المناقصة.
ولكن اقول : بعد الغضِّ عن ضعف سند الحديث :
ان هذا النهي وإن كان ظاهراً يدل على الحرمة ، الا أن ارتكازية « تسلط الناس على أموالهم » التي ورد فيها النص تدلّ على أن السلطنة على مال الانسان تمتدّ الى تمامية البيع او العقد ، ومادام هنا في المساومة لا يوجد بيع ولا عقد فتكون قرينة على ان المراد من النهي المتقدم هو الكراهة ، ولذا اورد الفقهاء هذه الرواية في باب الآداب ، وعلى هذا فلا تكون معارضة لصحة عقد المناقصة بناء على وردها في مورد عقد المناقصة. ولكننا نقول ان المناقصة التي نحن بصدد الكلام عنها تختلف اختلافاً اساسياً عن مورد النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه ، ومورد النهي عن الدخول في سوم الاخ المسلم وذلك :
لان المناقصات التي توجد في الخارج ويحصل التوارد على المناقصة في العملية الواحدة لا يوجد فيها بيع حتى يكون بيع الرجل على بيع أخيه ، ولا يوجد ركون حتى يكون دخول على سوم الاخ المسلم ، وانما هي عروضات تحصل من المتناقصين ، للمشتري أن يختار احدها الموافق له وحينئذ تكون هاتان الطائفتان من الروايات خارجتين عن صحة المناقصات التي نحن بصدد الكلام عنها.
على انه قد صرح عض الفقهاء (١) بعدم شمول النهي في الدخول على سوم
__________________
(١) الشهيد الاول ، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، ج ٣ ، ٢٩٦.