النار إلاّ أمرتكم به ».
٣ ـ والآية القرآنية التي نزلت في حجّة الوداع. ( ... اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ... ) (١) ، فقد تم الدين في زمن الرسول صلىاللهعليهوآله فلا حاجة الى مشرِّع بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله . وحينئذ يكون معنى روايات التفويض الى الأئمة عليهمالسلام ناظرة الى الحكومة وتبليغ الاحكام وحفظها. ومما يؤيد هذا هو استبعاد أن يكون امرٌ عظيم الأهمية ( كحق التشريع للائمة عليهمالسلام ) في حياة المسلمين وفي مسيرتهم قد دلّ عليه خبر واحد ، بل لابدّ ان يكون مبيّناً بالدليل الواضح ( كالدليل على حاكميتهم في الخلافة العامة مثلاً ) الواصل بحيث لا يكون فيه غموض ولا إبهام فيكون مَنْ خالف قد خالف عن بيّنة. بقي علينا ان نجيب عن سؤال قد يوجّه الينا وهو : لماذا فوّض النبي صلىاللهعليهوآله أمر الحكم والتبليغ الى الأئمة عليهمالسلام دون غيرهم ؟
الجواب : ان النبي صلىاللهعليهوآله لم يفعل ذلك من تلقاء نفسه ، فيما يرجع إلى اُمور الشريعة بالانفاق لأنه ( لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحيٌ يوحى ) ، ومع هذا نتمكن ان نجيب على ذلك من باب حكمة هذا التفويض الى الأئمة دون غيرهم ، إذ نقول : يمكن ان تكون الحكمة هي عصمة (٢) هؤلاء الأئمة دون غيرهم ؛ فهم الأجدر بتحمّل مسؤولية التبليغ لأحكام الله وحفظها من الضياع ، وهم الأجدر بحكومة الناس ـ من حيث عصمتهم من الوقوع في الخطأ أو الاشتباه أو النسيان ـ في تطبيق أحكام الله تعالى. وقد أثبت لنا التاريخ انهم الأجدر في حفظ سنّة النبي صلىاللهعليهوآله حيث مُنع من كتابة وحفظ الحديث في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله وبعد وفاته كما تقدم ذلك ، فان قريش ( ومَنْ تسلّم الحكم بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ) قد منعوا من كتابة الحديث بحجّة
__________________
(١) المائدة : ٣.
(٢) الأدلة على عصمة الأئمة : من القرآن والسنة كثيرة منها :
آية التطهير : ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا ).