وإنّما خصّ القليلة بالذكر ؛ لأنّ المتوسّطة والكثيرة توجبان الغسل في الجملة وإن أوجبتا الوضوء خاصّةً على بعض الوجوه.
ولا (١) يرد ما قيل : إنّه إن أراد ما يوجب الوضوء خاصّةً ، فكان عليه أن يذكر مع الاستحاضة القليلة قسمَي المتوسّطة ، أعني ما عدا الصبح. وإن أراد موجب الوضوء في الجملة ، فكان عليه أن يذكر الموجبات الأحد عشر. (٢)
لأنّا قد بيّنّا أنّ المتوسّطة من حيث هي موجبة للغسل وإن كانت بالنظر إلى بعض أحوالها موجبةً للوضوء خاصّةً.
وأيضاً فما ذُكر لو تمّ ، لورد في الكثيرة أيضاً ؛ لإيجابها الوضوء خاصّةً على بعض الوجوه ، وهو لصلاة العصر وصلاة العشاء ، فلا وجه للنقض بالمتوسّطة خاصّة ، والجواب عنهما واحد.
ثمّ أكّد الحصر بـ «إنّما» في إيجاب الوضوء خاصّةً بهذه الأشياء بقوله (لا غير) أي : لا غير هذه الأشياء الثمانية موجب للوضوء خاصّةً.
ويحتمل ضعيفاً أن يتعلّق بالاستحاضة القليلة ، أي : لا غيرها من حالتيها المتوسّطة والكثيرة.
وهذا المعنى يحصل على التقدير الأوّل مع إفادة ما هو أعمّ منه ، فكان الأوّل أولى.
ولمّا كان من ضرورات بعض هذه الأسباب موضع خاصّ وتلحقه أحكام خاصّة انجرّ البحث منه إليه هنا ، فقال : (ويجب على المتخلّي) للبول أو الغائط (ستر العورة) عن ناظرٍ بشريّ محترم ؛ لقول النبي صلىاللهعليهوآله : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. (٣)
وخرج بالمحترم الطفلُ غير المميّز ومَنْ ذُكر في الرواية وما ساواه ، كالزوج.
والمراد بملك اليمين الأُنثى غير المزوّجة ، والمعتدّة ، وأمة المرأة بالنظر إليها.
(وعدم استقبال القبلة) على حدّ ما يعتبر في الصلاة ؛ لاتّحاد المعنى والدليل.
ومعنى وجوب عدم الاستقبال إيجاد ضدّه ، فإنّ الأعدام غير مقدورة والتكليف
__________________
(١) في «ق ، م» : «فلا» بدل «ولا».
(٢) الحاشية النجارية ، والورقة ٣ و ٤.
(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٤١٨ / ١٩٢٠ ؛ سنن أبي داود ٤ : ٤٠ ـ ٤١ / ٤٠١٧ ؛ سنن الترمذي ٥ : ١١٠ / ٢٧٩٤ ؛ سنن البيهقي ١ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧ / ٩٦٠ ؛ المستدرك ـ للحاكم ـ ٤ : ١٨٠ ؛ مسند أحمد ٥ : ٦٢٤ / ١٩٥٣٠ ، و ٦٢٥ / ١٩٥٣٦.