ولا يجوز التحرّي وهو الاجتهاد في طلب الأحرى بالاستعمال وهو الطاهر ؛ لقرينةٍ لثبوت النهي عن استعمالهما ، والقرينة التي لا تثمر اليقين غير كافية في الخروج عن النهي. وليس هذا كالاجتهاد في القبلة.
وجوّزه الشافعي (١) هنا.
(وتيمّم) عند عدم التمكّن من غيرهما.
ولا يشترط في صحّته إهراقهما قبله ليتحقّق عدم الماء الطاهر ؛ لأنّه بالاشتباه في حكم المعدوم ، خلافاً للشيخ (٢) ، استناداً إلى خبرٍ (٣) ضعيف.
وربما كانت الإراقة حراماً ؛ لخوف العطش ونحوه.
أمّا لو اشتبه المطلق بالمضاف ، وجبت الطهارة بكلّ واحد منهما ؛ لأنّه محصّل للطهارة بالمطلق المأمور به يقيناً ، فيكون الجمع بينهما مقدّمةً للواجب المطلق فيكون واجباً.
ولا يضرّ عدم الجزم بالنيّة عند كلّ طهارة ؛ لأنّ الجزم إنّما يعتبر بحسب الممكن ، لكن يشترط لوجوبه بل لصحّته فَقدُ ما ليس بمشتبه ، وإلا تعيّن استعماله ؛ لقدرته حينئذٍ على الجزم التامّ في النيّة.
ولو فرض انقلاب أحدهما قبل الطهارة به ، وجبت الطهارة بالآخر ثمّ التيمّم ؛ لما تقدّم من أنّ الجمع مقدّمة الواجب المطلق. ولأنّ الحكم بوجوب الاستعمال تابع لوجود المطلق وقد كان وجوده مقطوعاً به ، فيستصحب إلى أن يثبت العدم.
ويحتمل ضعيفاً عدم الوجوب ، فيتيمّم خاصّة ؛ لأنّ التكليف بالطهارة مع تحقّق وجود المطلق ، وهو منتفٍ. ولأصالة البراءة من وجوب طهارتين.
وجوابهما يُعلم ممّا ذكرناه ؛ فإنّ الاستصحاب كافٍ في الحكم بوجود المطلق.
وأصالة البراءة هنا منتفية بوجوب تحصيل مقدّمة الواجب المطلق ، وهي لا تتمّ إلا بفعلهما معاً.
فإن قيل : ما ذكرتم من الدليل يقتضي عدم وجوب التيمّم ، فإنّ استصحاب وجود
__________________
(١) الوجيز ١ : ٩ ـ ١٠ ؛ العزيز شرح الوجيز ١ : ٧٣ ؛ الوسيط ١ : ٢١٤ ؛ حلية العلماء ١ : ١٠٣ ؛ روضة الطالبين ١ : ١٤٥ ؛ المجموع ١ : ١٨٠.
(٢) النهاية : ٦.
(٣) التهذيب ١ : ٢٢٩ / ٦٦٢ ، و ٢٤٨ / ٧١٢ ؛ الاستبصار ١ : ٢١ / ٤٨.