المصنّف في المختلف إلى أنّ بول وروث ما لا يؤكل لحمه ممّا لا نصّ فيه.
ولو حمل الإطلاق على نجاسات مخصوصة ، أشكل الحال من وجه آخر عند القائل بتضاعف النزح مع اختلاف النجاسات (١).
وأجاب المحقّق الشيخ عليّ عن ذلك بأنّ موضوع الرواية ماء المطر المخالط لهذه النجاسات ، وليس فيها أنّ أعيانها موجودة ، فيمكن تنزيلها على ماء المطر المخالط لهذه النجاسات مع استهلاك أعيانها إذ لا بُعد في أن يكون ماء النجاسة أخفّ منها ، خلافاً للقطب الراوندي.
قال : وهذا الحمل وإن كان خلاف الظاهر إلا أنّا صِرنا إليه جمعاً بين الأخبار (٢).
أقول : إنّك إذا تأمّلت ما ينفعل عنه البئر وما تطهر به تجدها قد جمعت بين المتباينات ، كتساوي الهرّ والخنزير ، وفرّقت بين المتماثلات ، كاختلاف منزوح موت الكلب والكافر وغير ذلك ، فلا تستبعد حينئذٍ أن ينزح لهذه الأشياء المخالطة لماء المطر مع انفرادها عنه أكثر ممّا يُنزح لها مع سقوطها في البئر مصاحبةً له ، فتصير مصاحبتها لماء المطر مضعّفاً لنجاستها ومخفّفاً لها ، وهو أولى من تقييد المطلق ، والحال في البئر ما ذكرناه ، بل مقتضى لفظ الحديث في كون هذه الأشياء في الماء كون أعيانها فيه.
ثمّ لو كان الحكم في ماء المطر المتنجّس بهذه الأشياء من غير أن تكون أعيانها موجودةً ، لم يبق فرق بين ماء المطر وغيره ، فالأولى الانقياد لما تناولته الرواية بإطلاقها من كون الماء ماءَ مطر ومصاحباً لهذه الأشياء ، سواء كانت أعيانها موجودةً أم لا.
(و) نزح (عشر) دلاء (في) وقوع (العذرة اليابسة) والمراد بها غير الذائبة ؛ لقول الصادق عليهالسلام في خبر أبي بصير في العذرة تقع في البئر : «ينزح منها عشر دلاء ، فإن ذابت فأربعون أو خمسون» (٣) وقد تقدّم (٤) ما المراد من العذرة.
(و) كذا في (الدم القليل غير) الدماء (الثلاثة ، كذبح الطير والرعاف اليسير) لرواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام حيث سأله عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقع في بئر
__________________
(١) تعرّض للإشكال من قوله : وأيضاً فإنّ ترك الاستفصال ، إلى آخره المحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ١٤٢.
(٢) جامع المقاصد ١ : ١٤٢ وفيه إلى قوله : أخفّ منها.
(٣) التهذيب ١ : ٢٤٤ / ٧٠٢ ؛ الإستبصار ١ : ٤١ ـ ٤٢ / ١١٦.
(٤) في ص ٣٩٩.