والشيخ (١) مرسلاً ، وما هذا شأنه لا يحتج به.
لكنّ ابن إدريس رحمهالله ادّعى اتّفاق المخالف والمؤالف على هذه الرواية (٢).
وهذه دعوى عريّة عن برهان ، بل البرهان قائم على خلافها.
أمّا عند المخالف : فلأنّ الحديث الذي ادّعوا أنّ حُفّاظهم وأئمّتهم صحّحوه هو قوله صلىاللهعليهوآله إذا بلغ الماء قُلّتين لم يحمل الخبث (٣). وأمّا المؤالف فقد بيّنّا أنّه لم يوجد في كتبهم مسنداً ، ولا ادّعى أحد فيه ذلك ، فكيف يقع الإجماع على ما هذا شأنه!؟
والبحث عن حال هذا الحديث مهمّ إذ تترتّب عليه مسألة إتمام الماء النجس كُرّاً ، فإن صحّ هذا الحديث ، لزم القول بطهره ، وإلا فلا لأنّ ما صحّ عندنا من الحديث عن الصادق عليهالسلام وهو إذا بلغ الماء قدر كُرّ لم ينجّسه شيء
(٤) لا يدلّ عليه لأنّ مقتضاه أنّ المانع من التنجيس بلوغ الكُرّيّة ، فلا يدفع النجاسة السابقة ، بخلاف عدم حمله الخبثَ عند بلوغه كُرّاً ، فإنّه يدلّ على زوال النجاسة السابقة واللاحقة ، خصوصاً على ما ذكره جماعة من أهل اللغة من أنّ المراد بعدم حَمل الخبث في الحديث عدم ظهوره فيه (٥) ، فدلالته على طهره بالإتمام صريحة أو ظاهرة.
وقد بالغ المحقّق في المعتبر في ردّ الحديث ، فقال : إنّا لم نروه مسنداً ، والذي رواه مرسلاً المرتضى والشيخ أبو جعفر وآحاد ممّن جاء بعده ، والخبر المرسل لا يعمل به ، وكتب الحديث عن الأئمّة عليهمالسلام خالية عنه أصلاً.
وأمّا المخالفون فلم أعرف به عاملاً سوى ما يحكى عن ابن حيّ ، وهو زيديّ منقطع المذهب.
قال : وما رأيت أعجب ممّن يدّعي إجماع المخالف والمؤالف فيما لا يوجد إلا نادراً ، فإذَن الرواية ساقطة.
__________________
(١) الانتصار : ٨٥ ، المسألة ١ ؛ الخلاف ١ : ١٧٤ ، المسألة ١٢٧.
(٢) السرائر ١ : ٦٣.
(٣) سنن الدارقطني ١ : ٢١ / ١٥ ، وفي ١٧١٦ / ٨ ؛ وسنن أبي داوُد ١ : ١٧ / ٦٣ ؛ وسنن الترمذي ١ : ٩٧ / ٦٧ ؛ وسنن النسائي ١ : ٤٦ و ١٧٥ : «إذا كان الماء ..».
(٤) الكافي ٣ : ٢ / ١ و ٢ ؛ التهذيب ١ : ٤٠٣٩ / ١٠٧ ١٠٩ ؛ الاستبصار ١ : ٦ / ٣١ ، وفيها : «إذا كان الماء ..».
(٥) حكاه الفيروزآبادي في القاموس المحيط ٣ : ٣٧٣ بعنوان «قيل».