(و) مياه (الغدران) جمع غدير ، وهو القطعة من الماء يغادرها السيل ، أي يتركها ، وهو فعيل بمعنى مفاعَل (١) من غادره. أو بمعنى فاعل لأنّه يغدر بأهله ، أي ينقطع عند شدّة الحاجة إليه.
وحكم هذه المياه بجميع أقسامها أنّه (إن كان قدرها كُرّاً) وله تقديران :
أحدهما : الوزن. وأشهر الأقوال فيه (هو) أنه (ألف ومائتا رطل) لمرسلة ابن أبي عمير عن الصادق (٢).
وفسّرها المصنّف تبعاً للشيخين (٣) (بالعراقي) إمّا لأنّ المُرسِل عراقي فأفتاه عليهالسلام بلغته وعادة بلده لوجوب كون الخطاب من الحكيم متواضعاً (٤) عليه ، جارياً على الحقيقة إلى أن يدلّ دليل على إرادة المعنى المجازي منه حذراً من الإغراء بالجهل ، وذلك يقتضي وجوب رعاية ما يفهمه السائل ويتعارفه. أو لتأيّده بصحيحة محمّد بن مسلم عنه عليهالسلام الكُرّ ستمائة رطل (٥) بالحمل على رطل مكّة ، وهو رطلان بالعراقي ، أو لمناسبة الحمل عليها لرواية الأشبار (٦) إذ من المستبعد تحديد مقدار الشيء الواحد بأمرين متفاوتين. أو لأصالة طهارة الماء خرج منه ما نقص من الأرطال العراقيّة بالإجماع ، فيبقى الباقي على الأصل.
وفسّرها المرتضى تبعاً لابن بابويه (٧) بالمدني (٨) وهو مائة وخمسة وتسعون درهماً قدر رطل عراقي ونصف للاحتياط ، أو لأنّ الغالب كونهم عليهمالسلام ببلدهم فيجيبون (٩) بأرطاله.
أقول : وإن كان القول الأوّل هو المشهور بين لأصحاب فإنّ لنا في استدلاله كلاماً من وجوه :
الأوّل : حمل الأرطال على بلد المُرسِل وهو ابن أبي عمير بناءً على أنّ الإمام لا يخاطبه إلا بما يفهمه ويتعارفه ، ففيه : أنّه رحمهالله ليس هو الراوي عن الإمام ، وإنّما روى عن
__________________
(١) في الطبعة الحجريّة : «مفعول» بدل «مفاعَل».
(٢) الكافي ٣ : ٣ / ٦ ؛ التهذيب ١ : ٤١ / ١١٣ ؛ الإستبصار ١ : ١٠ / ١٥.
(٣) المقنعة : ٦٤ ؛ النهاية : ٣ ؛ المبسوط ١ : ٦.
(٤) كذا ، وفي هامش الطبعة الحجريّة بعنوان نسخة بدل : «ممّا يتعارف» بدل «متواضعاً».
(٥) التهذيب ١ : ٤١٥٤١٤ / ١٣٠٨ ؛ الإستبصار ١ : ١١ / ١٧.
(٦) الكافي ٣ : ٣ / ٥ ؛ التهذيب ١ : ٤٢ / ١١٦ ؛ الاستبصار ١ : ١٠ / ١٤.
(٧) الفقيه ١ : ٦ ذيل الحديث ٢.
(٨) جُمل العلم والعمل : ٥١ ؛ الانتصار : ٨٥ ، المسألة ١.
(٩) في «م» : «فيفتون».