يمكن ، وإمكانه في السابق خاصّة ؛ لأنّ المقارن والمتأخّر يمتنع تأثير النيّة فيه ، بخلاف التيمّم ، فإنّه لا يصلح للرفع مطلقاً ، كما حقّقناه.
(وتجوز) له نيّة (الاستباحة) لمشروطٍ بالطهارة ، كالصلاة ؛ لإمكانها ، وقد عرفت الوجه ممّا سلف.
والمتبادر من الجواز عدم وجوب نيّة الاستباحة عنده ، وقد تقدّم في الوضوء ما يدلّ عليه ، مع أنّه توقّف في وجوب أحد الأمرين فيه. (١)
ويمكن حمل الجواز هنا على المعنى الأعمّ ، وهو القدر المشترك بين ما عدا الحرام ، كما هو أحد معنييه ، فلا ينافي الحكم بالوجوب ليوافق مختاره في كثير من كتبه. (٢)
ويجب إحضار النيّة فعلاً حتى يقارن بها الضرب على الأرض ، وبعده يجب كونها (مستدامة الحكم) إلى آخر التيمّم بمعنى أن لا ينوي في أثنائه نيّةً تُنافي النيّة الأُولى أو بعض مميّزاتها. وقد تقدّم تحقيق الاستدامة الحكميّة محرّراً.
وأوجب المصنّف في النهاية (٣) استدامتها فعلاً إلى مسح الجبهة ، فلو عزبت قبله ، بطل. وهو ضعيف.
(ثمّ يضرب بيديه) معاً بعد إحضار النيّة بقلبه (على التراب).
وفي التعبير بـ «ثمّ» الموجبة للتعقيب المتراخي تساهل ؛ فإنّ الواجب مقارنة النيّة للضرب على الأرض ؛ لأنّه أوّل أفعاله ، فلو تقدّمت عليه ، لم تجزئ قطعاً ؛ لأنّه حينئذٍ عزم لا نيّة.
وكذا لا يجوز تأخيرها إلى مسح الجبهة على أصحّ القولين ؛ لخلوّ بعض الأفعال وهو الضرب عن النيّة.
وجزم المصنّف في النهاية بالإجزاء (٤) ؛ تنزيلاً للضرب منزلة أخذ الماء للطهارة المائيّة ، فكما تجزي النيّة ثَمَّ تجزئ هنا.
والفرق بين الموضعين واضح ؛ فإنّ أخذ الماء غير معتبر لنفسه ، ولهذا لو غمس الأعضاء فيه ، أجزأ ، بخلاف الضرب ، ومن ثَمَّ لو تعرّض لمهبّ الريح أو وضع جبهته على الأرض
__________________
(١) انظر : إرشاد الأذهان ١ : ٢٢٢.
(٢) منها : تذكرة الفقهاء ٢ : ١٨٧ ، المسألة ٣٠٤ ؛ ونهاية الإحكام ١ : ٢٠٣.
(٣) انظر : نهاية الإحكام ١ : ٢٠٤.
(٤) نهاية الإحكام ١ : ٢٠٤.