أحدهما عن الآخر بالنيّة.
وهذا يتمّ مع اجتماعهما عليه ، كمن عليه غسل ووضوء وتعذّر عليه فعلهما ، أمّا مَنْ عليه أحدهما خاصّة فيشكل وجوب التمييز ؛ لعدم إمكان وقوع الآخر منه ليميّزه عنه. وقد مرّ التنبيه عليه في مميّزات الوضوء.
(ولا يجوز) للمتيمّم نيّة (رفع الحدث) لامتناعه منه ؛ إذ التيمّم إنّما يزيل المنع من الصلاة ، الذي هو أثر المحدث ، لا المانع الذي هو المؤثّر ، ولهذا ينتقض بالتمكّن من استعمال الماء مع أنّه ليس من قبيل الأحداث ، وإنّما يظهر به تأثير الحدث السابق الذي كان قد تخلّف عنه أثره بواسطة التيمّم ، وقد ادّعى جماعة منهم المحقّق في المعتبر (١) إجماع العلماء كافّة على عدم رفعه الحدث ، ومتى لم يرفعه امتنعت نيّته ؛ لعدم اعتبار نيّة الممتنع شرعاً.
وكذلك ادّعى في المعتبر (٢) الإجماع على أنّ وجود الماء ليس حدثاً ، ولأنّه لو كان حدثاً ، لوجب استواء المتيمّمين في موجبه ، ضرورة استوائهم فيه.
لكن هذا باطل ؛ لأنّ المحدث لا يغتسل والمجنب لا يتوضّأ.
ولأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال لعمرو وقد تيمّم عن الجنابة من شدّة البرد صلّيت بأصحابك وأنت جنب (٣) فلو ارتفع بالتيمّم ، لما سمّاه جنباً ، كما لا يسمّى بذلك بعد الغسل.
ولو لوحظ هنا عدم اشتراط بقاء المعنى المشتقّ منه في صدق المشتقّ ، لساوى ما بعد التيمّم ما بعد الغسل ، وقد تقرّر انتفاؤه بعد الغسل ، فيدلّ على عدم اعتبار ذلك المعنى شرعاً ، كما امتنع تسمية المسلم عن كفرٍ كافراً.
ورجّح الشهيد في قواعده جواز نيّة رفع الحدث ، بناءً على أنّ التمكّن من استعمال الماء جاز أن يكون غايةً للرفع ، كما يكون طريان الحدث غايةً له في التيمّم وغيره. (٤)
وفي الذكرى : جواز نيّة رفع المانع من الصلاة ؛ لأنّه في معنى الاستباحة. (٥)
وفي الدروس أنّه إن نوى رفع الماضي ، صحّ ، كما يصحّ ذلك من دائم الحدث. (٦)
__________________
(١) المعتبر ١ : ٣٩٤.
(٢) المعتبر ١ : ٣٩٤.
(٣) سنن أبي داوُد ١ : ٩٢ / ٣٣٤ ؛ سنن الدارقطني ١ : ١٧٨ / ١٢ ؛ سنن البيهقي ١ : ٣٤٥ / ١٠٧٠ ؛ مسند أحمد ٥ : ٢٣١ / ١٧٣٥٦ ؛ المستدرك للحاكم ١ : ١٧٧.
(٤) القواعد والفوائد ٢ : ٨٨٨٦ ، القاعدة ١٧٦.
(٥) الذكرى ٢ : ٢٥٦.
(٦) الدروس ١ : ٩٠ و ١٣٢.