المكلّف وهو متيمّم لسابقه ، هل يجوز أن يصلّي الحاضرة في أوّل الوقت ، ولا يعتبر الضيق هنا بناءً على أنّه متطهّر والوقت سبب ، فلا معنى للتأخير ، كما اختاره الشيخ في المبسوط (١) ؛ مع اختياره مراعاة التضيّق في فعله ، (٢) أم تتمشّى الأقوال فيه أيضاً كما هو ظاهر المصنّف والمحقّق ، (٣) لقيام علّة التأخير؟ فيه نظر.
ومختار المبسوط لا يخلو من قوّة ؛ لأنّ النصوص المتقدّمة إنّما دلّت على غير المتطهّر ، مضافاً إلى ما ذُكر ، (٤) فالوسيلة إلى التيمّم حينئذٍ في حال سعة وقت الحاضرة أن يتيمّم لمضيّق ، ثمّ يبقى عليه إلى أن يدخل وقت الموسّع.
ولو أراد إحداث التيمّم في حال سعة وقت الحاضرة ، فلينذر صلاة ركعتين في تلك الحال ويتيمّم لها ، ثمّ يصلّي الحاضرة مع السعة.
ولو دخل مسجداً ، فالظاهر جواز التيمّم لصلاة التحيّة ؛ لأنّ وقتها بعد الدخول مضيّق.
وكذا لو ضاق وقت نافلة الحاضرة مع سعة وقت الحاضرة فتيمّم للنافلة وصلاها ، جاز أن يصلّي الفريضة بعدها. ولو لم يكن في عزمه فعل النافلة ، لم يصحّ التيمّم ، أمّا لو تيمّم مع العزم على فعلها ، ثمّ طرأ له العزم على تركها ، توجّه جواز فعل الفريضة حينئذٍ.
(وتجب فيه النيّة للفعل) إجماعاً منّا ومن علماء الإسلام إلا مَنْ شذّ ؛ لدلالة «تيمّموا» على القصد إن لم يكن عينه.
ويعتبر فيها قصد الفعل (لوجوبه) إن كان واجباً ، كما لو توقّفت عليه عبادة واجبة (أو ندبه) إن كان مندوباً.
والكلام في اعتبار نيّة الوجوب أو الندب فيه قريب من الكلام في نيّة الوضوء ، وكذا غيرهما من المميّزات ، فليلحظ هناك.
(متقرّباً) حال من الفاعل القاصد المدلول عليه بالقصد التزاماً ، ولا ريب في اعتبار القربة في هذه النيّة كغيرها ، وقد سلف معناها ووجه وجوبها.
ويجب مع ذلك نيّة البدليّة عن الأكبر أو الأصغر ؛ لاختلافهما حقيقةً ، فلا بدّ من تمييز
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣٤٣٣.
(٢) النهاية : ٤٧ ٤٨ ، المبسوط ١ : ٣١.
(٣) انظر : نهاية الإحكام ١ : ٢١٦ ـ ٢١٧ ؛ ومختلف الشيعة ١ : ٢٨٨ ، المسألة ٢١٥ ؛ والمعتبر ١ : ٣٨٣.
(٤) في «ق ، م» : «ذكرناه».