الميّت. قال إن كان غُسّل فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه ، وإن كان لم يغسّل الميّت فاغسل ما أصاب ثوبك. (١)
وهذان الخبران دلله على نجاسة الميّت مطلقاً من غير تقييد بالبرد ، فمدّعي التقييد يحتاج إلى دليل عليه. ودلا أيضاً على أنّ نجاسة الميّت تتعدّى مع رطوبته ويبوسته ؛ للحكم بها من غير استفصال ، وقد تقرّر في الأُصول أنّ ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال يدلّ على العموم في المقال ، وإلا لزم الإغراء بالجهل.
ويندرج في قبليّة التطهير بالغسل المُيمّمُ ولو عن بعض الغسلات ، ومَنْ فُقد في غسله الخليطان أو أحدهما ؛ فإنّ الأصحّ وجوب الغسل بمسّ كلّ واحد منهم ومُغَسّل الكافر ومَنْ تعذّر تغسيله ، لكن يندرج في العبارة الشهيدُ ، فإنّه لم يطهر بالغسل ، بل هو طاهر في نفسه ، ولا يجب بمسّه غسل ، فكان عليه أن ينبّه على حكمه.
وظاهر العبارة أنّ وجوب الغسل بالمسّ مغيّا بكمال الغسل ؛ لعدم صدق اسمه عليه قبل إكماله ، فيجب الغسل بمسّ عضو كمل غسله قبل كمال غسل الجميع ، ولصدق اسم الميّت الذي لم يغسّل عليه قبل كماله.
ورجّح المصنّف (٢) في غير هذا الكتاب والشهيد (٣) وجماعة (٤) عدم وجوب الغسل بمسّ عضو كمل غسله ؛ لأنّ الظاهر أنّ وجوب الغسل تابع لمسّه نجساً ؛ للدوران ، وقد حكم بطهارة العضو المفروض ، ونجاسة الميّت وإن لم تكن عينيّةً محضة إلا أنّها عينيّة ببعض الوجوه ، فإنّها تتعدّى مع الرطوبة. وأيضاً فقد صدق كمال الغسل بالإضافة إلى ذلك العضو. ولأصالة البراءة من وجوب الغسل.
وفيه نظر ؛ لأنّ الحكم لا يتمّ إلا مع جَعل نجاسته عينيّةً محضة ، أمّا الحكميّة فلا دليل على تبعّضها ، بل الأصل كون هذا الغسل كغسل الأحداث ، فيكون مجموع الغسل هو السبب التامّ في رفع النجاسة الحكميّة ، ولهذا وجبت النيّة في غسله.
نعم ، لو جعلناها عينيّةً محضة كما هب إليه المحقّق (٥) فلا إشكال في عدم الوجوب.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦١ / ٥ ؛ التهذيب ١ : ٢٧٦ / ٨١١.
(٢) قواعد الأحكام ١ : ٢٢.
(٣) البيان : ٨٢ ؛ الذكرى ٢ : ١٠٠.
(٤) انظر جامع المقاصد ١ : ٤٦٣.
(٥) المعتبر ١ : ٣٤٩.