واختار المصنّف الوجوب ؛ للحكم بأنّ الميّت نجس. (١)
وأجاب في الذكرى : بأنّا إنّما نقطع بالموت بعد البرد. (٢)
وفيه نظر ؛ لمنع عدم القطع قبله ، وإلا لما جاز دفنه قبل البرد ، ولم يقل به أحد خصوصاً صاحب الطاعون ، وقد أطلقوا القول باستحباب التعجيل مع ظهور علامات الموت ، وهي لا تتوقّف على البرد ؛ مع أنّ الموت لو توقّف القطع به على البرد ، لما كان لقيد البرد فائدة بعد ذكر الموت.
ونمنع التلازم بين نجاسته ووجوب الغسل (٣) لأنّ النجاسة علّقها الشارع على الموت والغسل على البرد ، وكلّ حديث دلّ على التفصيل بالبرد وعدمه دلّ على صدق الموت قبل البرد ، كخبر معاوية بن عمّار عن الصادق عليهالسلام إذا مسّه وهو سخن فلا غسل عليه ، فإذا برد فعليه الغسل (٤) فإنّ ضمير «مسّه» يعود على الميّت.
وعن عبد الله بن سنان عنه عليهالسلام يغتسل الذي غسّل الميّت ، وإن غسّل ؛ الميّت إنسان بعد موته وهو حارّ فليس عليه غسل ، ولكن إذا مسّه وقبّله وقد برد فعليه الغسل ، ولا بأس أن يمسّه بعد (٥) الغسل ويقبّله. (٦)
وهذا الحديث كما يدلّ على صدق الموت قبل البرد ، كذلك يدلّ على جواز تغسيله قبله أيضاً ، وكذلك يدلّ على وجوب غسل المسّ ، وهو مع ما قبله حجّة على المرتضى القائل بعدم وجوب غسل المسّ ، (٧) وكذا غيرهما من الأحاديث الصحيحة.
وممّا يدلّ على وجوب الغسل بمسّه قبل البرد : ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميّت ، قال يغسل ما أصاب الثوب. (٨)
وما رواه إبراهيم بن ميمون قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يقع ثوبه على جسد
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٢ : ١٣٥ ذيل الفرع «ب».
(٢) الذكرى ٢ : ١٠٠.
(٣) التهذيب ١ : ٤٢٩ / ١٣٦٧.
(٤) كذا ، وفي المصادر : «قبّل» بدل «غسّل».
(٥) في «ق ، م» والطبعة الحجريّة : «قبل» بدل «بعد» وما أثبتناه من المصادر.
(٦) الكافي ٣ : ١٦٠ ـ ١٦١ / ٣ ؛ التهذيب ١ : ١٠٨ / ٢٨٤ ؛ الاستبصار ١ : ٩٩ / ٣٢٢.
(٧) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٢٢٢ ، المسألة ١٩٣ ؛ والمحقّق في المعتبر ١ : ٣٥١ و ٣٥٢.
(٨) الكافي ٣ : ١٦١ / ٤ ؛ التهذيب ١ : ٢٧٦ / ٨١٢ ؛ الاستبصار ١ : ١٩٢ / ٦٧١.