ولو كان للمسلمين بيت مال موجود ، أُخذ الكفن وجوباً ، وكذا باقي المُؤن ؛ لأنّه مُعدّ للمصالح. ويجوز أخذه من سهم الفقراء والمساكين من الزكاة (١) لأنّ الميّت أشدّ فقراً من غيره ، وكذا من سهم سبيل الله إن لم نخصّه بالجهاد.
وهل يجب ذلك؟ الظاهر نعم ؛ للأمر به في خبر الفضل بن يونس عن الكاظم عليهالسلام حين سأله عن رجل مات من أصحابنا ولم يترك ما يكفّن به أشتري له كفنه من الزكاة؟ فقال أعط عياله من الزكاة قدر ما يجهّزونه ، فيكونون هم الذين يجهّزونه قلت : فإن لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فأُجهّزه أنا من الزكاة؟ قال كان أبي يقول : إنّ حرمة بدن المؤمن ميّتاً كحرمته حيّاً ، فوار بدنه وعورته وجهّزه وكفّنه وحنّطه واحتسب ذلك من الزكاة. ؛ وهذا الحديث كما دلّ على الأمر بذلك دلّ أيضاً على تقديم الدفع إلى الوارث إن أمكن. والظاهر أنّه على سبيل الأفضليّة لا الوجوب ؛ لعدم القائل به.
(ولو خرج منه نجاسة بعد التكفين) وأصابت الكفن قبل وضعه في القبر (غُسلت من جسده وكفنه) لوجوب إزالة النجاسة ، ولا يجوز قرضها حينئذٍ استبقاءً للكفن مع إمكان غَسله ، وللنهي عن إتلاف المال حيث يمكن حفظه. ولو لم تُصب الكفنَ ، اقتصر على تطهير محلّها.
(ولو أصابت الكفنَ بعد وضعه في القبر ، قُرضت) للمشقّة في غَسلها حينئذٍ ، فيسقط ؛ للحرج.
وإذا قُرضت فإن أمكن جمع جوانبه بالخياطة ، وجب ، وإلا مدّ أحد الثوبين على الآخر ليستر المقطوع إن كان هناك غيره.
وأطلق الشيخ (٢) قرضها ؛ لصحيح الكاهلي عن الصادق. عليهالسلام (٣) والمشهور ما فصّله المصنّف ، لكنّ التعليل المتقدّم للمنع من القرض قبل وضعه في القبر يقتضي اشتراط تعذّر غسلها في جواز القرض بعده. والجماعة أطلقوا الجواز.
هذا كلّه مع عدم تفاحش النجاسة بحيث يؤدّي القرض إلى إفساد الكفن وهتك الميّت ،
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٤٥ / ١٤٤٠.
(٢) النهاية : ٤٣ ؛ المبسوط ١ : ١٨١.
(٣) الكافي ٣ : ١٥٦ / ١ ؛ التهذيب ١ : ٤٣٦ / ١٤٠٥ ، و ٤٥٠٤٤٩ / ١٤٥٧.