وفي تخصيص الوصف بالآخر مع أنّ الفائت مع عدم التسمية الأوّل إشارة إلى اعتبار ما لا تسمية فيه في الجملة وإن كان ناقصاً ، بخلاف ناقص الرأس مثلاً ؛ فإنّه لإبقاء له.
والكلام في الثالث نحو الكلام في الأوّل والأخير ؛ فإنّ ما لا نتيجة له ولا عقب ناقص البركة ، مضمحل الفائدة ، منقطع الخير.
والتعبير بالابتداء الصادق على القول والكتابة يدخل فيه ابتداء العلماء بها كتابةً ، وابتداء الصنّاع بها قراءةً ، فسقط ما قيل (١) : إنّه إن أراد بالابتداء القراءة ، لم تكن فيه دلالة على الاجتزاء بالكتابة ، فلا يتمّ تعليلهم ابتداء التصنيف بها ؛ لأنّ الكتابة لا تستلزم القراءة. وإن أُريد الكتابة ، لم يحصل امتثال النجّار ونحوه للخبر حتّى يبتدئ أوّلاً ، فيكتب بسم الله إلى آخره ؛ لاندفاع ذلك بالتعبير بالابتداء على وجهٍ كلّيّ. نعم ، ربما استفيد من القرائن الحاليّة اختصاص كلّ أمرٍ بما يناسبه من فردَي الابتداء ، فلا تكفي الكتابة لمريد النجارة مثلاً.
و «الباء» في «بسم الله» إمّا صلة فلا تحتاج (٢) إلى ما تتعلّق به ، أو للاستعانة أو للمصاحبة (٣) متعلّقة بمحذوف اسم فاعل خبر مبتدإ محذوف ، أي : ابتدائي ثابت باسم الله ، أو فعل (٤) أو حال من فاعل الفعل المحذوف ، أي : ابتدئ متبرّكاً أو مستعيناً ، أو مصدر مبتدإ خبره محذوف ، أي : ابتدائي باسم الله ثابت ، ونحوه. ولا يضرّ على هذا حذف المصدر وإبقاء معموله ؛ لأنّه يتوسّع في الظرف والجارّ والمجرور ما لا يتوسّع في غيرهما ، وتقديم المعمول هنا أوقع ، كما في قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها) (٥) و (إِيّاكَ نَعْبُدُ) (٦) ولأنّه أهمّ وأدلّ على الاختصاص وأدخل في التعظيم وأوفق للوجود.
وإنّما كُسرت الباء ومن حقّ الحروف المفردة أن تُفتح ؛ لاختصاصها بلزوم الحرفيّة والجرّ كما كسرت لام الأمر ولام الجرّ إذا دخلت على المظهر ؛ للفرق بينها وبين لام التأكيد.
و «الاسم» مشتقّ من السمو ، حُذفت الواو من آخره ، وزِيدت همزة الوصل في أوّله ؛
__________________
(١) لم نعثر على القائل.
(٢) في الطبعة الحجريّة : «لا يحتاج».
(٣) في «ق ، م» : «المصاحبة».
(٤) كلمة «أو فعل» لم ترد في «م».
(٥) هود (١١) : ٤١.
(٦) الفاتحة (١) : ٥.