ذكرت العدد خاصّةً أو الوقت خاصّةً ووجدت تمييزاً في بعض أيّام الشهر ، تحيّضت به.
ولا بُعد فيه في الاولى من جهة إطلاقهم تخييرها في تخصيص العدد بأيّ وقت شاءت ، فإنّه يقيّد بعدم التمييز (١) جمعاً بين الإطلاقين.
لكنّ المحقّق الشيخ عليّ استشكل الأمر فيها ، وقال ما هذا لفظه : الحكم برجوع المضطربة إلى التمييز لا يستمرّ ؛ لأنّ ذاكرة العدد ، الناسية للوقت لو عارض تمييزها عدد أيّام العادة ، لم ترجع إلى التمييز بناءً على ترجيح العادة على التمييز. وكذا القول في ذاكرة الوقت ناسية العدد.
قال : ويمكن الاعتذار بأنّ المراد برجوعها إلى التمييز ما إذا طابق تمييزها العادة بدليل ما ذكره من ترجيح العادة على التمييز. ؛ انتهى كلامه.
وأقول : إنّ الإشكال في ذاكرة العدد خاصّة غير واضح ، وتحقّق المعارضة فيها بين التمييز وأيّام العادة غير متحقّق ؛ فإنّها بسبب نسيان الوقت لا تتخصّص عادتها بأيّام معيّنة حتى يعارضه التمييز ، بل يجوز كون أيّام التمييز هي العادة ، فترجيح التمييز فيها باقٍ على حاله ، وإنّما ترجّح العادة على التمييز مع العلم بوقتها.
نعم ، قد يتوهّم التعارض على تقدير اختيارها عدداً من الشهر ثمّ يظهر التمييز في غيرها ، وهنا ينبغي عدم الإشكال في تقديم التمييز ؛ لما علمت من عدم انتظام هذه في سلك المعتادة ، بل هي مضطربة يتأخّر اختيارها العدد على التمييز ، وإنّما يقع الإشكال هنا فيما لو زادت أيّام التمييز على العدد المحفوظ. وكأنّه رحمهالله أراد بالتعارض هذا المعنى ، ولم أتحقّق إلى الآن تصريحاً لأحدٍ من الأصحاب بشيء ، غير أنّ إطلاق كلامهم تقديم العمل بالتمييز يقتضي جَعل أيّام التمييز كلّها حيضاً.
وكذا الإشكال لو انعكس الفرض بأن نقصت أيّام التمييز عن العدد ، لكنّ العمل هنا على العدد أقوى ؛ ترجيحاً لعدد العادة على التمييز بناءً على ترجيحها.
ولا يرد مثله في الأوّل ؛ لأنّ العادة إنّما تُقدّم على التمييز مع التعارض ، ومع زيادة أيّام التمييز على العدد وانقطاعه على العاشر فما دون إذ هو الفرض ؛ لأنّه من شروط التمييز لا تعارض ، بل يمكن الجمع بينهما بجَعل الجميع حيضاً ؛ فإنّ مثل هذا آتٍ في ذاكرة الوقت
__________________
(١) جامع المقاصد ١ : ٢٩٨.