(ولو تيقّن) المكلّف (الحدث وشكّ في الطهارة) كأن تيقّن أنّه أحدث في الوقت الفلاني وشكّ الآن أنّه هل تطهّر بعد ذلك أم لا (أو تيقّنهما) أي : الحدث والطهارة في وقتٍ معيّن (وشكّ) بعده (في المتأخّر) منهما ، سواء علم أنّه كان قبلهما متطهّراً أم محدثاً ، أم شكّ في ذلك (أو شكّ في شيء منه) أي : من الوضوء ، كما لو شكّ في الإتيان ببعض أفعاله (وهو على حاله) أي حال الوضوء لم يفرغ منه بعدُ (أعاد) الوضوء في الصورتين الأوّلتين والشيء المشكوك فيه في الثالثة وما بعده ؛ قضيّةً للترتيب.
ولا يخفى ما في العبارة من الإجمال والتجوّز في إطلاق العود على الاولى ؛ لعدم العلم بسبقِ طهارةٍ حتى تصدق الإعادةُ.
أمّا وجوب الوضوء في الأُولى فظاهر ؛ لأنّ يقين الحدث لا يرفع إلا بيقينِ مثله ، فيعمل الاستصحاب عمله.
أمّا الثانية : فليحصّل يقين الطهارة ؛ لاحتمال كون المتأخّر هو الحدث ، ولا إشكال في ذلك مع عدم علم المكلّف بحاله قبلهما ؛ فإنّ تأخّر كُلّ منهما محتمل على حدّ سواء ، فيتكافأ الاحتمالان ويتساقطان فتجب الطهارة.
أمّا لو علم حاله قبلهما بالطهارة أو بالحدث ، فالأمر فيه كذلك عند المصنّف هنا وفي أكثر كتبه (١) والشيخين (٢) وجماعة (٣) ؛ للاحتمال أيضاً ، فلا يدخل في الصلاة إلا بيقين الطهارة.
واختار المصنّف رحمهالله في المختلف استصحاب حاله قبلهما ، فإن كان متطهّراً ، فهو الآن متطهّر ؛ لأنّه تيقّن أنّه نقض تلك الطهارة ثمّ توضّأ ، ولا يمكن أن يتوضّأ عن حدثٍ مع بقاء تلك الطهارة ، ونقض الطهارة الثانية مشكوك فيه ، فلا يزول عن اليقين بالشكّ. وإن كان مُحدثاً ، فهو الآن مُحدث ؛ لتيقّنه انتقاله عن الحدث السابق عليهما إلى طهارة ثمّ نقضها ، والطهارة بعد نقضها مشكوك فيها. (٤)
وهذا القول لا يتمّ إلا مع تيقّن عدم التجديد وعدم تعقيب حدث لحدث وتساويهما ،
__________________
(١) منها : تحرير الأحكام ١ : ١١ ؛ ومنتهى المطلب ٢ : ١٤١ ؛ ونهاية الإحكام ١ : ٥٩.
(٢) المقنعة : ٥٠ ؛ المبسوط ١ : ٢٤.
(٣) منهم : ابن إدريس في السرائر ١ : ١٠٤.
(٤) مختلف الشيعة ١ : ١٤٢ ، المسألة ٩٤.