وردّهما المصنّف رحمهالله مع اعترافه بصحّتهما. (١)
واحتمل بعض (٢) المحقّقين في الرواية الاولى أن يراد بالبناء فيها الاستئناف ؛ إذ لا امتناع في أن يراد بالبناء على الشيء فعله.
وفيه نظر ، بل البناء على الشيء يستلزم سبق شيء منه حتى يبني عليه ، كأنّ الماضي منه بمنزلة الأساس الذي يترتّب عليه.
وأورد على الروايتين معاً معارَضتهما بغيرهما من الأخبار الدالّة على أنّ الحدث يقطع الصلاة.
وهو ضعيف ؛ لأنّ عامّ تلك الأخبار أو مطلقها مخصّص أو مقيّد إجماعاً بالمستحاضة والسلس ، فلا وجه [لعدم إخراج (٣)] هذا الفرد مع النصّ عليه بالتعيين.
واستدلّ المصنّف على مذهبه هنا بأنّ الحدث المتكرّر لو نقض الطهارة ، لأبطل الصلاة ؛ لأنّ شرط صحّة الصلاة استمرار الطهارة. (٤)
وهو مصادرة على المطلوب ، كما ذكره الشهيد (٥) رحمهالله.
وردّها بعض (٦) المحقّقين بأنّ الطهارة شرط الصلاة إجماعاً ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ، والحدث مانع اتّفاقاً ؛ لإخلاله بالشرط ، وليس في هذا مصادرة بوجه.
وهو ضعيف جدّاً ؛ فإنّ المصادرة نشأت من ادّعاء الملازمة بين نقض الطهارة وبطلان الصلاة مع ورود النصّ الصحيح على فساد هذه الملازمة ، فلا معنى حينئذٍ لدفعها بدعوى الإجماع على أنّ الطهارة شرط الصلاة مع تخلّفها في مواضع كثيرة.
وأُجيب بأنّ الاحتجاج ليس هو بانتقاض الطهارة هنا الذي هو محلّ النزاع حتى يكون مصادرةً ، بل بالأدلّة الدالّة بعمومها على إعادة الصلاة بالحدث ، وقد عرفت أنّ الأدلّة التي تدّعيها مخصوصة أو مقيّدة إجماعاً ؛ فاندفع الجواب أيضاً ، وقوي وجوب الطهارة والبناء.
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ : ١٤٥ ، المسألة ٩٨.
(٢) لم نتحقّقه.
(٣) في «ق ، م» ومتن الطبعة الحجرية : «لإخراج» بدل «لعدم إخراج». والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه ، كما استظهر في هامش الطبعة الحجريّة.
(٤) مختلف الشيعة ١ : ١٤٦ ، المسألة ٩٨.
(٥) الذكرى ٢ : ٢٠٣.
(٦) في هامش «ق ، م» : الشيخ علي رحمهالله. ولم نعثر على قوله فيما بين أيدينا من المصادر.