من اليد اليسرى ثمّ الصبّ عليه أو غمسه في الماء وتعجيل المسح به ، وجب مقدّماً على الاستئناف.
(ويجب) في الوضوء (الترتيب) بين الأعضاء المغسولة والممسوحة (يبدأ بغَسل الوجه ثمّ باليد اليمنى ثمّ باليسرى ثمّ بمسح الرأس ثمّ بالرّجْلين) عند علمائنا أجمع ؛ لترتيب الوضوء البياني. ولأنّ الفاء في (فَاغْسِلُوا) (١) تفيد الترتيب بين إرادة القيام وبين غَسل الوجه ، فتجب البدأة بغَسل الوجه ، وكلّ مَنْ قال بوجوب البدأة به قال بالترتيب بين باقي الأعضاء ؛ لأنّ أبا حنيفة ومالكاً لا يريان الترتيب فيه ولا في غيره ، بل يُجوّزان تأخيره عن الجميع (٢) ، وصوره مع النكس عندهما سبعمائة وعشرون كلّها مجزئة ، وعندنا لا تجزئ منها إلا واحدة.
والروايات عندنا على وجوبه وتوقّف صحّة الوضوء عليه متظافرة.
والمعتبر في الترتيب تقديم المقدّم لا عدم تأخيره ، فلا تجزئ المعيّة ، بل يحصّل الوجه دخولاً واليمنى خروجاً. فإن أعادها فاليسرى. ويجوز المسح بمائها ؛ لعدم صدق التجديد عليه. ولو أخرجها مرتّباً ، صحّ غَسل الجميع. ولو كان في جارٍ وتعاقبت عليه ثلاث جريات أو في واقفٍ وطال المكث ، صح غَسل الوجه واليدين أيضاً.
(ولا ترتيب) واجب (بينهما) أي : بين الرِّجْلين ؛ للأصل. ولقوله تعالى (وَأَرْجُلَكُمْ) (٣) فيصدق مع الترتيب وعدمه ؛ إذ لا دلالة للكلّيّ على الجزئيّ المعيّن.
وأوجبه جماعة (٤) ؛ لتقريب الدليل في الوضوء البياني ، وهو أنّه لو قدّم فيه اليسرى أو مسحهما معاً ، تعيّن ذلك ، وهو خلاف الإجماع ، فتعيّن كون اليمنى فيه مقدّمةً.
وهذا الدليل لا معارض له هنا كما في صورتي نكس المسح ، فيعمل عليه. والآية كما أنّها لا تدلّ عليه لا تنافيه ، كجمع الأيدي مع وجوب الترتيب فيها ، وهذا هو الأجود.
(وتجب) فيه (الموالاة) ولا خلاف عندنا في وجوبها ، ولكن اختلف في معناها على
__________________
(١) المائدة (٥) : ٦.
(٢) الهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ١٣ ؛ المبسوط ـ للسرخسي ـ ١ : ٥٥ ؛ بدائع الصنائع ١ : ١٨ و ٢١ ـ ٢٢ ؛ المدوّنة الكبرى ١ :
١٤ ؛ بداية المجتهد ١ : ١٦ ـ ١٧.
(٣) المائدة (٥) : ٦.
(٤) منهم ابن أبي عقيل وابن الجنيد كما حكاه عنهما العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ١٣٠ ، المسألة ٨١ ؛ والشيخ الصدوق في الفقيه ١ : ٢٨ ذيل الحديث ٨٨ ؛ وسلّار في المراسم : ٣٨.