لو كانت التقيّة في المستحبّ ، كغَسل الوجه باليدين معاً حيث لا ضرر معلوماً ولا مظنوناً ، ولا يبطل الفعل بتركها هنا قطعاً.
وقد تكره ، كالتقيّة في المستحبّ حيث لا ضرر عاجلاً ولا آجلاً مع خوف الالتباس على عوام المذهب.
وقد تحرم حيث يتحقّق الأمن من الضرر بفعل الواجب عاجلاً وآجلاً. ولا يتصوّر إباحتها في العبادة وإن أمكنت في الجملة ، كالتقيّة في بعض المباحات التي ترجّحها العامّة ولا يحصل بتركها ضرر ، فهي إذَن منقسمة بانقسام الأحكام الخمسة ، ولا اختصاص لها بهذا الباب وإن أمكن فرض الأربعة فيه.
(ويجب مسح الرأس والرّجْلين ببقيّة نداوة الوضوء) لوصف وضوء رسول اللهُ صلىاللهعليهوآله ، وفيه ثمّ مسح ببقيّة ما بقي في يده رأسه ورِجْليه (١) وغيره من الأخبار.
وهذا الحكم قد استقرّ عليه إجماعنا بعد ابن الجنيد مع أنّه لم يُجوّز الاستئناف مطلقاً ، بل مع جفاف أعضاء الوضوء أو مع غَسل الأعضاء مرّتين مرّتين. (٢) مع أنّ الحكم الأوّل يأتي عندنا على بعض الوجوه ، كشدّة الحرّ وقلّة الماء.
(فإن استأنف ماءً جديداً ، بطل وضوؤه) لعدم مماثلته للوضوء المحكوم عليه بأنّه لا تُقبل الصلاة إلا به.
(فإن جفّ) البلل عن يديه (أخذ من لحيته وأشفار عينيه) وحاجبيه (ومسح به).
ويجوز الأخذ من هذه المواضع وغيرها من غير جفاف ؛ لاشتراك الجميع في كونه بلل الوضوء ، ولا يصدق عليه الاستئناف.
ولإطلاق قول الصادق عليهالسلام فيما رواه مالك بن أعين عنه عليهالسلام مَنْ نسي مسح رأسه ثمّ ذكر أنّه لم يمسح رأسه فإن كان في لحيته بلل فليأخذ منه وليمسح به (٣) فجوّز عليهالسلام الأخذ من اللّحية من غير تقييدٍ بجفاف اليد.
(فإن جفّ) جميع ذلك أو لم يمكن أن ينفصل عنه ما يتحقّق به المسح (بطل) الوضوء إلّا مع الضرورة ، كإفراط الحرّ وقلّة الماء ، فيجوز حينئذٍ استئناف الماء ، لكن لو أمكن إبقاء جزء
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٢ / ١ ؛ التهذيب ١ : ٥٥ ـ ٥٦ / ١٥٧ ؛ الاستبصار ١ : ٥٨ / ١٧١.
(٢) حكاه عنه المحقّق في المعتبر ١ : ١٤٧ ؛ والشهيد في الذكرى ٢ : ١٣٨ ـ ١٣٩.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٠١ / ٧٨٨.