قائمة الکتاب
قساوة القلوب
١٠٦
إعدادات
نور من القرآن
نور من القرآن
تحمیل
إذا انطبع موقف المنعم عليهم بالترف والابتعاد المفرط عن الجدية في العمل.
لقد عرضت الآيات المباركة جملة من النعم التي أنعم الله بها علىٰ بني إسرائيل ، وهي نعم لم نزل مجموعة علىٰ سواهم ، كنجاتهم من البحر ، وإغراق آل فرعون ، وتضليلهم بالغمام ، وإنزال المنّ والسلوىٰ ، وانفجار الحجر اثنتي عشرة عيناً ، وإنزال المائدة من السماء ، ورفع الطور وغيرها كثير.
وعلىٰ الرغم من كلّ هذه النعم ، فهم لم يشكروا ، بل حين واعد الله موسىٰ عليهالسلام أربعين ليلة إذا هم يتّخذون العجل ربّاً لهم ، ثم إنهم يولون بعد أخذ الميثاق منهم ، ومنهم من يعتدي في سبتهم الذي حرم الصيد فيه ، وحين وقعت حادثة القتل بينهم وجلوا القاتل منَّ الله عليهم فأمرهم بذبح بقرة وضرب القتيل ببعضها حتىٰ يكشف لهم عن قاتله ، وإذا بهم يشدّدون في اختيار هذه البقرة ، وأخذوا يسألون ويجابون عدة مرات ، فشدّد الله عليهم وذبحوها وما كادوا يفعلون.
ويقال : إنهم قست قلوبهم بعد هذه
الحادثة ، فضرب الله لهم مثالاً علىٰ عدم استجابتهم وعدم طواعيتهم للأوامر الإلهية ، فعد قلوبهم القاسية المتبلّدة برين الخطيئة كالحجارة في قوّتها وقساوتها ، بل أشدّ من الحجارة ، باعتبار أن الحجارة قد تتفجّر أنهاراً أو تخرج منها عيون الماء بعد تشقّقها ، وهذا ما نشاهده في طبيعة المرتفعات والأراضي الجبلية ذات الحجارة الصلبة ، ومن الحجارة ما يهبط وينزل من أعلىٰ ، وهذه كناية علىٰ ما يبدو عن
طواعيتها وتنازلها عن كبريائها وارتفاع مكانها ، وكلّ ذلك محكوم بقانون الهداية التكوينية أو التسليم الكوني لله سبحانه ، والتي عبّر عنها : (
مِنْ خَشْيَةِ