إذا انطبع موقف المنعم عليهم بالترف والابتعاد المفرط عن الجدية في العمل.
لقد عرضت الآيات المباركة جملة من النعم التي أنعم الله بها علىٰ بني إسرائيل ، وهي نعم لم نزل مجموعة علىٰ سواهم ، كنجاتهم من البحر ، وإغراق آل فرعون ، وتضليلهم بالغمام ، وإنزال المنّ والسلوىٰ ، وانفجار الحجر اثنتي عشرة عيناً ، وإنزال المائدة من السماء ، ورفع الطور وغيرها كثير.
وعلىٰ الرغم من كلّ هذه النعم ، فهم لم يشكروا ، بل حين واعد الله موسىٰ عليهالسلام أربعين ليلة إذا هم يتّخذون العجل ربّاً لهم ، ثم إنهم يولون بعد أخذ الميثاق منهم ، ومنهم من يعتدي في سبتهم الذي حرم الصيد فيه ، وحين وقعت حادثة القتل بينهم وجلوا القاتل منَّ الله عليهم فأمرهم بذبح بقرة وضرب القتيل ببعضها حتىٰ يكشف لهم عن قاتله ، وإذا بهم يشدّدون في اختيار هذه البقرة ، وأخذوا يسألون ويجابون عدة مرات ، فشدّد الله عليهم وذبحوها وما كادوا يفعلون.
ويقال : إنهم قست قلوبهم بعد هذه
الحادثة ، فضرب الله لهم مثالاً علىٰ عدم استجابتهم وعدم طواعيتهم للأوامر الإلهية ، فعد قلوبهم القاسية المتبلّدة برين الخطيئة كالحجارة في قوّتها وقساوتها ، بل أشدّ من الحجارة ، باعتبار أن الحجارة قد تتفجّر أنهاراً أو تخرج منها عيون الماء بعد تشقّقها ، وهذا ما نشاهده في طبيعة المرتفعات والأراضي الجبلية ذات الحجارة الصلبة ، ومن الحجارة ما يهبط وينزل من أعلىٰ ، وهذه كناية علىٰ ما يبدو عن
طواعيتها وتنازلها عن كبريائها وارتفاع مكانها ، وكلّ ذلك محكوم بقانون الهداية التكوينية أو التسليم الكوني لله سبحانه ، والتي عبّر عنها : (
مِنْ خَشْيَةِ