مقدمة المركز
الحمد الله ربّ العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم علىٰ نبينا المصطفىٰ وآله الهداة الميامين.
وبعد : يتجلّى اعجاز القرآن الكريم بكونه طرازاً خاصاً من القول لا يضاهيه شيء من فنون البيان بما فيه من عناصر الاعجاز البلاغي المتمثلة بالوضوح والقوة والجمال إلىٰ درجة تفوق مستوى البشر ، ويكفي أنه تحدّى الإنس والجنّ علىٰ أن يأتوا بسورة زاحدة من مثله وأخبر عن عجزهم ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ، وسيظلّ هذا الاعجاز قائماً إلىٰ يوم الدين.
ولا يقتصر الاعجاز القرآني علىٰ قوة البيان وجمال الأسلوب ورشاقة المعنى وحسب بل يتعدّى ذلك إلىٰ روعة المفاهيم وقوة أثرها في المجتمع الإنساني ، منذ نزوله إلىٰ قيام الساعة فقد نزل القرآن الكريم في مجتمع اتسم بالجهل والضلال والشرك ، فكان له دور كبير في تهذيب الطباع وتنظيم السلوك ، وصقل النفوس من ربقة الشهوات وأسر الماديات وجعلها تحلّق في مدارج الكمال ومواطن الجلال ، وأسهم في تحرير العقل البشري من نير الجهل وقيود الأوهام وأدران الالحاد والشرك والضلال بما أسبغ عليه من نعمة العلم وما أفاض عليه من إخلاص العبودية للحق تعالى.
إن
المفاهيم التي دعا إليها القرآن الكريم قد اكتسب صفة الخلود والاستمرار ، فهي ليست مفاهيم جامدة لا تنبض بالحياة كما هو شأن المفاهيم السائدة في الحضارة المادية المعاصرة كما اتسمت بالعمق والشمولية في علاج مشاكل الناس أينما كانوا وحيثما وجدوا ذلك لأن الكتاب الذي دعا إليها هو كتاب الرسالة الخاتمة