( فصل ) وينبغي أن لا يداوم على أكل اللحم : فإنه يورث الأمراض الدموية والامتلائية ، والحميات الحادة (١). وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « إياكم واللحم : فإن له ضرواة كضراوة الخمر ، وإن الله يبغض أهل بيت اللحمين (٢) ». ذكره مالك في الموطأ عنه. وقال أبقراط (٣) : « لا تجعلوا أجوافكم مقبرة للحيوان ».
٢ ـ ( فصل ) ( لبن ). قال الله تعالى : ( وإن لكم في الانعام لعبرة ، نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ). وقال في الجنة : ( فيها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ).
وفى السنن مرفوعا : « من أطعمه الله طعاما ، فليقل : اللهم ، بارك لنا فيه ، وارزقنا خيرا منه. ومن سقاه الله لبنا ، فليقل : اللهم بارك لنا فيه ، وزدنا منه. فإني لا أعلم ما يجزى (٤) من الطعام والشراب ، إلا اللبن ».
اللبن وإن كان بسيطا في الحس ، إلا أنه مركب في أصل الخلقة تركيبا طبيعيا ، من جواهر ثلاثة : الجبنية ، والسمنية ـ ، والمائية. فالجبنية باردة رطبة ، مغذية للبدن. والسمنية معتدلة في (٥) الحرارة والرطوبة ، ملائمة للبدن الإنساني الصحيح ، كثيرة المنافع. والمائية حارة رطبة ، مطلقة للطبيعة ، مرطبة للبدن. واللبن ـ على الاطلاق ـ أبرد وأرطب من المعتدل. وقيل : قوته عند حلبه الحرارة والرطوبة. وقيل : معتدل في الحرارة والبرودة.
وأجود ما يكون اللبن : حين يحلب (٦). ثم لا يزال تنقص جودته على ممر الساعات ،
__________________
(١) كذا بالزاد. وصحف في الأصل بالراء.
(٢) كذا بالأحكام ٢ / ٩٤ ، والنهاية ٤ / ٥٢. وفى رواية بها : « اللحم وأهله ». ولفظ الأصل والزاد : « اللحمي ». وهو مع صحته محرف. وهذا الأثر لم يرد في بعض نسخ الموطأ ، وورد بدون الجملة الأخيرة موقوفا : في نسخة شرح الباجي ٧ / ٢٥٣ ، والزرقاني ٤ / ٣١٧. وانظر : شرح السيوطي ٣ / ١١٧. وورد بها مرفوعا في الاحكام. وانظر : النهاية ٣ / ١٨.
(٣) بالزاد : بقراط. والزيادة الآتية عنه. وبالاحكام : سقراط.
(٤) كذا بالأصل والزاد. وفى سنن أبي داود ٣ / ٣٣٩ : يجزئ. وانظر ما تقدم : (ص ١٨٣).
(٥) ورد بالأصل والاحكام ٢ / ٩٨ ، ولم يرد بالزاد.
(٦) بالأحكام ٩٩ زيادة : وهو حار.