بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين ، وصلواته على أشرف المرسلين : محمد خاتم النبيين ، وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد : فهذه فصول نافعة في هديه صلىاللهعليهوسلم ، في الطب الذي تطبب به ، ووصفه لغيره. نبين (١) ما فيه من الحكمة التي تعجز عقول أكبر (٢) الأطباء عن الوصول إليها (٣). فنقول ـ وبالله نستعين ، ومنه نستمد الحول والقوة ـ :
( فصل ) المرض نوعان : مرض القلوب ، ومرض الأبدان (٤). وهما مذكوران في القرآن.
__________________
(١) في زاد المعاد ( ٣ / ٦٣ : ط المصرية ) : « ونبين » وهو ملائم لما ورد فيه قلبه.
(٢) في الزاد : « أكثر ». أي : خبرة ومعرفة ، لا عددا.
(٣) في الزاد زيادة بعد ذلك ، هي : « وأن نسبة طبهم إليها كنسبة طب العجائز إلى طبهم ». وسيأتى قريبا نحوها.
(٤) إن هذا التقسيم فيه من الحكمة الإلهية والاعجاز الكثير ، ما لم يتوصل إليه الأطباء إلا حديثا : في منتصف القرن الثامن عشر. فقد قسمت الأمراض عموما إلى قسمين :
١ ـ الأمراض العضوية. وهى : الأمراض التي تنتج من عدم أداء أي جزء من أجزاء الجسم وظيفته كاملا ، أو توقفه عن العمل بالكلية. أو تنتج من دخول ميكروبات مختلفة الأنواع إلى الجسم ، وتصيب أي عضو فيه بالتلف. وينتج عن ذلك أعراض المرض. وكل مرض عضوي له أعراض وتاريخ ومواصفات ومضاعفات خاصة به : بحيث يمكن التفرقة بين الأمراض العضوية ، وتشخيص كل منها.
وهذا هو المقصود بمرض الأبدان ، كما ذكره الرسول صلىاللهعليهوسلم.
وأمثال هذه الأمراض هي : الشلل ، الحميات ، الدرن ، الصفراء ، إلخ.
٢ ـ الأمراض النفسية. وهى ـ في الحقيقة ـ : أعراض أمراض متنوعة وكثيرة جدا ، يشعر بها المريض. وبالكشف عليه بواسطة الطبيب ، مع الاستعانة بجميع الأبحاث اللازمة ـ مثل الأشعة والتحاليل المختلفة إلخ ـ يوجد المريض في حالة طبيعية ، أي : عدم وجود مرض عضوي بالجسم.
وهذه الاعراض تنتج عن مؤثرات خارجية في الحياة العامة. مثل : الخوف ، الشك ، الغرام ، عدم الاكتفاء الجنسي. كثرة الاجهاد ، إلخ.
وهذا هو مرض القلوب ، كما ذكره الرسول صلىاللهعليهوسلم. وحكمة تقسيمه إلى أمراض شبه وشك ، ومرض شهوة وغى ، ففيه كل الحكمة حسب النظريات الحديثة في علم النفس. ١ ه د.