وإزالة الاخلاط ودفعها يكون (١) بالجذب والاستفراغ. والجذب يكون من أبعد الطرق ، والاستفراغ من أقربها. والفرق بينهما : أن المادة إذا كانت عاملة في الانصباب أو الترقي ، لم تستقر بعد ، فهي محتاجة إلى الجذب. فإن كانت متصاعدة : جذبت من أسفل ، وإن كانت منصبة : جذبت من فوق. وأما إذا استقرت في موضعها : استفرغت من أقرب الطرق إليها.
فمتى أضرت المادة بالأعضاء العليا : اجتذبت من أسفل ، ومتى أضرت بالأعضاء السفلى : اجتذبت من فوق ، ومتى استقرت : استفرغت من أقرب مكان إليها.
ولهذا احتجم النبي صلىاللهعليهوسلم على كاهله تارة ، وفى رأسه أخرى ، وعلى ظهر قدمه تارة. فكان يستفرغ مادة الدم المؤذى من أقرب مكان إليه. والله أعلم.
( فصل ) والقئ ينقى المعدة ويقويها ، ويحد البصر ، ويزيل ثقل الرأس ، وينفع قروح الكلى والمثانة ، والأمراض المزمنة : كالجذام والاستسقاء والفالج والرعشة. وينفع اليرقان.
وينبغي أن يستعمله الصحيح في الشهر مرتين متواليتين ، من غير حفظ دور ليتدارك الثاني ما قصر عنه الأول ، وينقى الفضلات التي انصبت بسببه. والاكثار منه يضر المعدة ويجعلها قابلة للفضول ، ويضر بالأسنان والبصر والسمع. وربما صدع عرقا. ويجب أن يجتنبه من به (٢) ورم في الحلق ، أو ضعف في الصدر ، أو دقيق الرقبة ، أو مستعد لنفث الدم ، أو عسر الإجابة له.
وأما ما يفعله كثير من سيئى (٣) التدبير ـ وهو أن يمتلئ من الطعام ، ثم يقذفه ـ : ففيه آفات عديدة ، منها : أنه يعجل الهرم ، ويوقع في أمراض رديئة ، ويجعل القئ له عادة.
والقئ مع اليبوسة وضعف الأحشاء ، وهزال المراق ، أو ضعف المستقئ ـ خطر. وأحمد أوقاته الصيف والربيع ، دون الشتاء والخريف. وينبغي عند القئ : أن
__________________
(١) بالزاد : « تكون ». وهو صحيح أيضا.
(٢) بالزاد ١٠٦ : « له ». ولعله تصحيف.
(٣) هذا هو الظاهر وبالأصل : « سيئ » وفى الزاد : « ممن نسى ».