الأصلي : فإن السماوات خلقت من بخاره ، والأرض من زبده. وقد جعل الله منه كل شئ حي (١).
وقد احتلف فيه : هل يغذو؟ أو ينفذ الغذاء فقط؟ على قولين. وقد تقدما (٢) ، وذكرنا القول الراجح ودليله. وهو بارد رطب : يقمع الحرارة ، ويحفظ على البدن رطوباته ويرد عليه بدل ما تحلل منه ، ويرقق الغذاء وينفذه في العروق.
وتعتبر جودة الماء من عشرة طرق : ( أحدها ) من لونه : بأن يكون صافيا. ( الثاني ) من رائحته : بأن لا يكون له رائحة البتة. ( الثالث ) من طعمه : بأن يكون عذب الطعم حلوه ، كماء النيل والفرات. ( الرابع ) من وزنه : بأن يكون خفيفا رقيق القوام. ( الخامس ) من مجراه : بأن يكون طيب المجرى والمسلك. ( السادس ) : من منبعه : بأن يكون بعيد المنبع. ( السابع ) : من بروزه للشمس والريح : بأن لا يكون مختفيا تحت الأرض ، فلا تتمكن الشمس والريح من قصارته (٣). ( الثامن ) : من حركته : بأن يكون سريع الجري والحركة. ( التاسع ) : من كثرته : بأن يكون له كثرة تدفع (٤) الفضلات المخالطة له. (العاشر) : من مصبه : بأن يكون آخذا من الشمال إلى الجنوب ، أو من المغرب إلى المشرق.
وإذا اعتبرت هذه الأوصاف ، لم تجدها بكمالها إلا في الأنهار الأربعة : النيل ، والفرات ، وسيحون ، وجيحون. وفى الصحيحين ـ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « سيحان وجيحان والنيل والفرات ، كلها من أنهار الجنة (٥) ».
وتعتبر خفة الماء من ثلاثة أوجه : ( أحدها ) : سرعة القبول (٦) للحر والبرد. قال أبقراط :
__________________
(١) كذا بالزاد وهو الصحيح الموافق لما تقدم : (ص ١٧٦). وبالأصل : حيا. وهو خطأ وتحريف.
(٢) ص ١٧٥ ـ ١٧٦.
(٣) كذا بالأصل والزاد. أي : من أرضه. كما في القاموس ٢ / ١١٨. يعنى من الوصول إليه فيها. فلا معنى لقول ق : « لا معنى لها ».
(٤) بالزاد : يدفع. يعنى بسببها.
(٥) أي : مستمدة من أنهار الجنة الموجودة بالفعل. لا أنها من جنسها كما زعم ق. والحديث في الاحكام ٣ / ١٠٣ ، والفتح الكبير ٢ / ١٦٢ ببعض اختلاف.
(٦) بالزاد والاحكام : قبوله.