العافية المطلقة أجل النعم على الاطلاق ـ : فحقيق لمن رزق حظا من التوفيق ، مراعاتها (١) وحفظها ، وحمايتها عما يضادها.
وقد روى البخاري في صحيحه ـ من حديث ابن عباس ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ».
وفى الترمذي وغيره ـ من حديث عبد الله بن محصن الأنصاري ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « من أصبح معافى في جسده ، آمنا في سربه ، عنده قوت يومه ـ : فكأنما حيزت له الدنيا ». وفى الترمذي أيضا ـ من حديث أبي هريرة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : « أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة : من النعيم ، أن يقال له : ألم نصح لك جسمك ، ونروك من الماء البارد؟! ». ومن ههنا ، قال من قال من السلف ـ في قوله تعالى : ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ). ـ قال : عن الصحة.
وفى مسند الإمام أحمد : أن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال للعباس : « يا عباس يا عم رسول الله ، سل الله العافية في الدنيا والآخرة ». وفيه عن أبي بكر الصديق ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يقول : « سلوا الله اليقين والمعافاة ، فما أوتى أحد ـ بعد اليقين ـ خيرا من العافية ». فجمع بين عافيتي الدين والدنيا. ولا يتم صلاح العبد في الدارين ، إلا باليقين والعافية. فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة ، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا ، في قلبه وبدنه.
وفى سنن النسائي ـ من حديث أبي هريرة يرفعه ـ : « سلوا الله العفو والعافية والمعافاة ، فما أوتى أحد ـ بعد يقين ـ خيرا من معافاة ». وهذه الثلاثة تتضمن إزالة الشرور الماضية : بالعفو ، والحاضرة : بالعافية ، والمستقبلة : بالمعافاة. فإنها تتضمن المداومة والاستمرار على العافية.
وفى الترمذي مرفوعا : « ما سئل الله شيئا أحب إليه من العافية ».
وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى : عن أبي الدرداء (٢) : « قلت : يا رسول الله ، لان أعافى
__________________
(١) بالزاد : بمراعاتها. وهو تحريف.
(٢) كذا بالزاد ١٣٥. وفى الأصل أبى داود. وهو تحريف.