ما يسره ويفرحه
ويقوى نفسه ، كيف تقوى الطبيعة على دفع المرض الحسى. فحصول هذا الشفاء للقلب أولى
وأحرى.
ثم إذا قابلت بين ضيق الكرب وسعة هذه
الأوصاف ـ التي تضمنها دعاء الكرب ـ : وجدته في غاية المناسبة لتفريج هذا الضيق ، وخروج
القلب منه إلى سعة البهجة والسرور. وهذه الأمور إنما يصدق بها من أشرقت فيه
أنوارها ، وباشر قلبه حقائقها.
وفى تأثير قوله : « يا حي يا قيوم
برحمتك أستغيث »
ـ في دفع هذا الداء ـ مناسبة بديعة. فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال
مستلزمة لها ، وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الافعال. ولهذا كان اسم الله
الأعظم ـ الذي إذا دعى به أجاب ، وإذا سئل به أعطى ـ هو : اسم الحي القيوم.
والحياة التامة تضاد جميع الأسقام والآلام. ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة : لم
يلحقهم هم ولا غم ولا حزن ، ولا شئ من الآفات. ونقصان الحياة ـ يضر بالافعال ، وينافى القيومية. فكمال القيومية لكمال الحياة.
فالحي المطلق التام لا يفوته ( صفة )
الكمال البتة ، والقيوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة. فالتوسل بصفة الحياة
والقومية ، له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة ، ويضر بالافعال.
ونظير هذا توسل النبي صلىاللهعليهوسلم إلى ربه ـ بربوبيته
لجبريل وميكائيل وإسرافيل ـ : أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه. فإن حياة
القلب بالهداية ، وقد وكل الله سبحانه هؤلاء الاملاك الثلاثة بالحياة : فجبريل
موكل بالوحي الذي هو حياة القلوب ، وميكائيل بالقطر الذي هو حياة الأبدان والحيوان
، وإسرافيل بالنفخ في الصور الذي هو سبب حياة العالم وعود الأرواح إلى أجسادها.
فالتوسل إليه سبحانه ، بربوبيته
هذه الأرواح العظيمة الموكلة بالحياة ، له تأثير في حصول المطلوب.
والمقصود : أن لاسم الحي القيوم تأثيرا
خاصا في إجابة الدعوات ، وكشف الكربات.
__________________