( الثالث عشر ) : أن لا يكون كل قصده إزالة تلك العلة فقط ، بل إزالتها على وجه يأمن معه حدوث أصعب منها. فمتى كان إزالتها لا يؤمن (١) معها حدوث علة أخرى أصعب منها : أبقاها على حالها ، وتلطيفها هو الواجب. وهذا كمرض أفواه العروق : فإنه متى عولج بقطعه وحبسه ، خيف حدوث ما هو أصعب منه.
( الرابع عشر ) : أن يعالج (٢) بالأسهل فالأسهل ، فلا ينتقل من العلاج بالغذاء إلى الدواء ، إلا عند تعذره ، ولا ينتقل إلى الدواء المركب ، إلا عند تعذر الدواء البسيط. فمن سعادة الطبيب : علاجه بالأغذية بدل الأدوية ، وبالأدوية البسيطة بدل المركبة.
( الخامس عشر ) : أن ينظر في العلة : هل هي مما يمكن علاجها ، أولا؟ فإن لم يمكن علاجها : حفظ صناعته وحرمته ، ولا يحمله الطمع على علاج لا يفيد شيئا.
وإن أمكن علاجها ، نظر : هل يمكن زوالها ، أم لا؟ فإن علم أنه لا يمكن زوالها ، نظر : هل يمكن تخفيفها وتقليلها؟ أم لا؟ فإن لم يمكن تقليلها ، ورأى أن غاية الامكان إيقافها وقطع زيادتها ـ : قصد بالعلاج ذلك ، وأعان القوة ، وأضعف المادة.
( السادس عشر ) : أن لا يتعرض للخلط قبل نضجه باستفراغ ، بل يقصد إنضاجه ، فإذا تم نضجه : بادر إلى استفراغه.
( السابع عشر ) : أن يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها ، وذلك أصل عظيم في علاج الأبدان. فإن انفعال البدن وطبيعته عن النفس والقلب أمر مشهود. والطبيب إذا كان عارفا بأمراض القلب والروح وعلاجهما ، كان هو الطبيب الكامل. والذي لا خبرة له بذلك ـ وإن كان حاذقا في علاج الطبيعة وأحوال البدن ـ نصف طبيب. وكل طبيب لا يداوى العليل : بتفقد (٣) قلبه وصلاحه ، وتقوية أرواحه وقواه بالصدقة وفعل الخير والاحسان ، والاقبال على الله والدار الآخرة ـ فليس بطبيب ، بل متطبب
__________________
(١) بالزاد : « يأمن » ، وهو أنسب. (٢) كذا بالزاد. وفى الأصل : « تعالج » وهو تصحيف.
(٣) بالزاد ١١٠ : يتفقد. وهو تصحيف.
(٨ ـ الطب النبوي)