الوادي » مجاز في الماء لقرينة السيلان ، ويتعذّر معه الحقيقة لاستحالة سيلان حقيقة الوادي ، وطلب السؤال في قوله تعالى : ( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ )(١) قرينة على كون القرية مجازا في « الأهل » ويتعذّر معه الحقيقة لعدم صحّة سؤال حقيقة القرية ، وقولنا : « أسد يرمي » مجاز في الرجل الشجاع باعتبار « يرمي » ويتعذّر معه الحقيقة إذ لا ملائمة بين الرمي والمفترس ، وقولنا : « رعينا الغيث » مجاز في النبات لتعذّر رعي المطر ، وقولنا : « أمطرت السماء نباتا » مجاز في المطر ، لتعذّر إمطار حقيقة النبات.
وقوله تعالى : ( أَعْصِرُ خَمْراً )(٢) مجاز في العنب لتعذّر عصر المائع المسكر ، وقوله تعالى : ( وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ )(٣) مجاز في البالغين بعد اليتم لتعذّر إعطاء حقيقة اليتيم شرعا ماله ، وقوله تعالى : ( وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ )(٤) مجاز في الجنّة أو مطلق الفضل لتعذّر رقّة القلب في حقّه تعالى وهكذا في سائر أمثلة ما كان مجازا بالمعنى الأخصّ.
وبالتأمّل فيما حقّقناه يندفع الاعتراضات والأجوبة الّتي أوردوها على دليل المانع ، من كون المجاز ملزوما للقرينة المانعة ، مثل ما أورد من منع لزوم القرينة المانعة في المجاز ، فإنّ هذا المنع إن اريد به ما يؤول إلى السلب الكلّي وارد على خلاف التحقيق ، لأنّ من المجاز ما لا يمكن الاسترابة في ملزوميّته للقرينة المانعة.
نعم لو اريد به ما يرجع إلى رفع الايجاب الكلّي فهو في محلّه ، لأنّ من المجاز ما يكون من قبيل الكناية الملزومة لانتفاء القرينة المانعة.
ومثل ما يستفاد من كلام المصنّف فيما حقّقه ، وملخصّه : إنّهم إن أرادوا بالمعنى الحقيقي الّذي يستعمل فيه اللفظ حينئذ المدلول الحقيقي من دون اعتبار الوحدة المأخوذة في وضع المفرد معه اتّجه القول بالجواز ، لأنّ المعنى الحقيقي بعد تعريته عن الوحدة يصير مجازيّا للّفظ فالقرينة اللازمة للمجاز لا تعانده.
__________________
(١) يوسف : ٨٢.
(٢) يوسف : ٢٦.
(٣) النساء : ٢.
(٤) آل عمران : ١٠٧.