ذلك ؟ فقال : أما الطاعات فإرادة الله ومشيته فيها : الأمر بها ، والرضا لها ، والمعاونة عليها . وإرادته ومشيته في المعاصي النهي عنها ، والسخط لها ، والخذلان عليها » فهذه الفقرة تبين إرادة الله في أعمال البشر وكيفية التأثير عليها . . . « قلت : فللَّه عز وجل فيها القضاء ؟! قال : نعم ، ما من فعل يفعله العبد من خير وشر إلا ولله فيه قضاء . قلت : فما معنى هذا القضاء ؟ قال : الحكم عليهم بما يستحقونه على أفعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة » (١) .
فنجد أن الإِمام الرضا عليهالسلام يسند جميع الأفعال الصالحة والطالحة للبشر إلى القضاء الإِلهي بكل صراحة فإن قضاء الله في أعمال البشر هو حريتهم . . . تلك الحرية ، وذلك الإِختيار اللذين يستحق بهما الثواب في الطاعة والعقاب في المعصية .
____________________
وسطاً بين الإِفراط في حق الإِرادة الإِنسانية والتفريط فيها وهي التي ترى أن ( لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين ) وهؤلاء هم ( الإِمامية ) وأول من عبَّر عن هذا الإِصطلاح عندهم إمامهم السادس جعفر بن محمد الصادق ( رئيس المذهب الجعفري ) . ولقد كثر البحث والنقاش في الاستدلال على صحة أحد هذه المذاهب الثلاثة ، ولكن المثال الآتي يؤيد صحة إستناد أفعالنا إلى أرادتنا وحريتنا ، وفي حين كونها مسيرة بإرادة الله أيضاً ويثبت حقانية مذهب الإِمامية في الموضوع . لنفرض إنساناً كانت يده شلاء لا يستطيع تحريكها بنفسه . وقد استطاع الطبيب بأن يوجد فيها حركة إرادية وقتية بواسطة قوة الكهرباء بحيث أصبح الرجل يستطيع تحريك يده بنفسه متى وصلها الطبيب بسلك الكهرباء وإذا انفصلت عن مصدر القوة لم يمكنه تحريكها أصلاً . فتحريك المريض يده والطبيب يمده بالقوة في كل آن يوضح الأمر بين الأمرين ، حيث لا تستند الحركة إلى الرجل مستقلاً لأنها موقوفة على إيصال القوة إلى يده ، وقد فرضنا أنها بفعل الطبيب ولا تستند إلى الطبيب مستقلاً ، لأن التحريك قد أصدره الرجل بإرادته ، فالفاعل لم يجبر على فعله لأنه مريد ولم يفوض إليه الفعل لأن المدد من غيره ، وهكذا فالأفعال الصادرة منا بمشيئتنا ، ولكننا لا نشاء شيئاً إلا بمشيئة الله . ولتفصيل الموضوع يراجع كتب العقائد والكلام المفصلة . وكذلك تجد رد شبهة بالتفصيل في كتاب ( دفاع عن العقيدة ) ص ١٣٥ ـ ١٥١ : للمترجم .
(١) بحار الأنوار ج ٣ ص ٥ .