وحاصل هذا الوجه أصل ، وهو أن المنكر إذا كان قوله ملزوما لأمر وجودي صح منه إقامة البينة ، وانما لم يصح منه ذلك في النفي المحض الذي ليس له أثر وجودي ـ فافهم.
( والرابع ) المنع من عدم سماع البينة من المنكر ، وانما الفرق بينه وبين المدعي أنه مطالب به بخلافه فإنه غير مطالب الا باليمين ، ولكن لو أقام البينة لنمنع عدم قبولها منه لعموم أدلتها.
فإن قلت : ظاهر قوله عليهالسلام « البينة على المدعي واليمين على من أنكر » (١) عدم سماع اليمين من المدعي والبينة من المنكر من وجهين : « أحدهما » التفصيل القاطع للشركة ، فلو كان المدعي والمنكر متشاركين في قبول البينة أو اليمين مطلقا أو في بعض الموارد كان التفصيل أو إطلاقه لغوا كما لا يخفى.
« وثانيهما » ان المسند إليه إذا كان محلى باللام أفاد حصره في الخبر ، سواء كان وصفا كقولك « الأمير زيد » أولا كقولك « الكرم في العرب » كما صرح أساطين علم العربية والبيان.
وقد ذكرنا في الأصول أن وجهه دلالة اللام حينئذ على ثبوت جنس المسند إليه في المسند ، وثبوت الجنس لشيء بعد فرض كون المقام مقام البيان يستلزم ثبوت كل فرد ، وثبوت كل فرد في المسند يمنع من ثبوت بعض الافراد لغيره.
ويؤيده بل يدل عليه ما ورد في تقديم بينة الخارج وعدم قبولها من الذي في يده العين المتنازع فيها.
قلت : ما ذكرت من ظهور الرواية في الحصر المانع عن قبول البينة من المنكر مسلم ، لكنا نصرفها عن ظاهرها بقرينتين داخلية وخارجية :
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ب ٢ من أبواب كيفية الحكم ، عدة احاديث بلفظ « البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ».