العلم التصديقي مسبوق بالعلم التصوّريّ وموقوف عليه لأنّ المراد إن كنتم تعلمون أنّه خير لكم ، كما قاله الزمخشريّ.
الثالثة ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) (١).
وفي معناها ثلاث آيات أخرى :
ألف ـ ( إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ ) (٢).
ب ـ ( وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) (٣).
ج ـ ( إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) (٤).
هذه أربع آيات استدلّ المعاصر بها على أرجحيّة القرض للمؤمن ، وأنّ فيه أجرا عظيما وأنّ الله هو المكافىء عليه إذ الحقيقة ممنوعة لاستحالة الحاجة عليه تعالى ، فيحمل على إقراض عبيده.
وعندي في ذلك نظر فإنّ إطلاق القرض الّذي هو إعطاء شيء ليستعيد عوضه وقتا آخر استعارة للأعمال الصالحة فإنّ الأعمال الصالحة يفعلها العبد ويحصل له العوض في الدار الآخرة وحينئذ لا دلالة في الآية على مشروعيّة القرض ، وقوله « إنّ الحقيقة ليست مرادة » مسلّم ، لكن حمله على إقراض المؤمنين من غير دلالة حمل من غير دليل ، ولا ضرورة إليه مع إمكان المجاز الّذي ذكرناه.
فان قال : حيث صدق لفظ القرض ومعناه بين الله وبين عبادة ، دلّ ذلك على مشروعيّته. قلنا فحينئذ كان ينبغي له أن يتعرّض لذلك في دليله ولم يفعل.
__________________
(١) البقرة : ٢٤٥ الحديد : ١١
(٢) التغابن : ١٧.
(٣) المزمل : ٢٠.
(٤) الحديد : ١٨.