لم جعل امرأتان مقام رجل؟ فأجاب [ بأن ] جعل ذلك مخافة أن تضلّ إحداهما أي تنسى فإنهنّ لضعف عقولهنّ وبرد مزاجهنّ أميل إلى النسيان ، بخلاف الرجال ، فإنّهم أبعد عن النسيان لزيادة عقولهم وحرارة مزاجهم وقرأ حمزة « إن تضلّ » على أنّها حرف الشرط وجوابه ، فتذكّر ، والباقون بفتح الهمزة بأنّها منصوبة المحلّ على أنّها مفعول له والعامل محذوف.
قال الزمخشريّ : ومن بدع التفاسير « فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا » أي فتجعل إحداهما الأخرى ذكرا بمعنى أنّهما إذا اجتمعتا كانتا بمنزلة الذكر والقائل به سفيان بن عيينة.
قيل : والضمير في إحداهما الاولى ، يرجع إلى الشهادة أي أن تضيع إحدى الشهادتين من قوله تعالى « ضَلُّوا عَنّا » أي ضاعوا فتذكّر إحدى المرأتين الأخرى فيكون الضمير في الثانية للمرأتين لئلّا يلزم التكرار من غير فائدة وفيه تعسّف.
__________________
كذلك يحكم بالشاهد واليمين وان لم يجر له ذكر ، لقيام الدليل.
ثم قال : والمسلك الأول مسلك الشرع ، والمسلك الثاني يتعلق بمناقصة الخصم والمسلك الأول أقوى وأدل. انتهى.
وقال الشوكانى في نيل الأوطار ج ٨ : وأقول : جميع ما أورده المانعون من الحكم بشاهد ويمين غير نافق في سوق المناظرة عند من له أدنى إلمام بالمعارف العلمية وأقل نصيب من انصاف ، والحق أن احاديث العمل بشاهد ويمين زيادة على ما دل عليه قوله « وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ » الآية وعلى ما دل قوله صلىاللهعليهوآله « شاهداك ويمينه » غير منافية لأصل ، فقبولها متحتم ، وغاية ما يقال على فرض التعارض وان كان فرضا فاسدا أن الآية والحديث المذكورين يدلان بمفهوم العدد على عدم قبول الشاهد واليمين ، والحكم بمجردهما ، وهذا المفهوم المردود عند أكثر أهل الأصول لا يعارض المنطوق وهو ما ورد في العمل بشاهد ويمين.
على أنه يقال : العمل بشهادة المرأتين مع الرجل مخالف لمفهوم حديث شاهداك أو يمينه ، فان قالوا : قدمنا على هذا المفهوم منطوق الآية الكريمة قلنا ونحن قدمنا على ذلك المفهوم منطوق احاديث الباب ، هذا على فرض أن الخصم يعمل بمفهوم العدد