كما وجب على الحاكم الحكم بالحقّ ، كذلك يجب على المحكوم عليه الانقياد والإذعان وأكّد ذلك بالقسم المتبوع بعدم أيمانهم ، إن لم يحكّموا وينقادوا للحقّ ظاهرا وباطنا ، قوله « فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ » أي اختلف ، يقال تشاجر القوم إذا اختلفوا والحرج الضيق ، وقيل الشك لأنّ الشاكّ في ضيق من أمره والتسليم الانقياد.
الرابعة ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ). ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ ). ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (١).
قيل هذه الثلاث حيث وردت في حكاية ما أنزل الله على أهل الكتاب فهي مختصّة بهم ، وليس بشيء ، بل هو عامّ في كلّ ملة لأنّ خصوص السّبب لا يخصّص ثمّ الحاكم بغير ما أنزل الله إن كان مع اعتقاده لذلك الحكم فهو كافر ، وإن كان لا مع اعتقاده فهو ظالم أو فاسق.
الخامسة ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) (٢).
تقدم ذكر صدرها وأمّا عجزها فيدل على وجوب العدل في الحكم بين الناس صريحا.
السادسة ( إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً ) (٣).
__________________
(١) المائدة : ٤٤ و ٤٥ و ٤٧.
(٢) النساء : ٥٨.
(٣) النساء : ١٠٥.