قيامهم كقيام المصروع ، لأنّه تعالى أربى في بطونهم ما أكلوه ، فأثقلهم فهو سيماهم الذي يعرفون بها يوم البعث ، والموعظة دليل التحريم ، قوله ( وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ ) أي يجازيه على أعماله بحسب ما علم منه في صدق نيّته في الانتهاء.
إذا عرفت هذا فهنا فوائد :
١ ـ الرّبا لغة هو الزيادة ، وشرعا هو الزيادة على رأس المال من أحد المتساويين جنسا ممّا يكال أو يوزن فقيل يحرم الزيادة لا غير ، وقيل : هي مع المزيد عليه وهو الصحيح خصوصا مع عدم التميز ، ولا يحصل الملك لما اقتضاه العقد من العوضين لما تقرّر أن العقد الفاسد لا يترتّب عليه أثره.
٢ ـ المراد بالجنس هنا هو الحقيقة النوعيّة ، ويتحقّق ذلك بكون الأفراد يشملها اسم خاصّ ، والزيادة قد تكون عينيّة وهو ظاهر ، وحكميّة كبيع أحد المتجانسين بمساويه قدرا نسيئة ، والمراد بالكيل والوزن ما كان حاصلا في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله وكلما علم له حال بني عليه وما لم يعلم يرجع فيه إلى العادة ، فلو اختلفت [ البلدان ]؟ قيل : لكلّ بلد حكم نفسه ، وقيل : يغلب التحريم احتياطا وهو أولى.
٣ ـ الربا يثبت في النسيئة إجماعا لقوله صلىاللهعليهوآله « إنّما الربا في النسيئة (١) » واقتصر عليه ابن عبّاس للحصر المذكور ، وقال الباقون بعمومه للنقد أيضا وهو الحقّ والحصر للمبالغة.
واعلم أنّ الإجماع حصل على وقوع الربا في ستّة نصّ النبيّ صلىاللهعليهوآله عليها هي : الذهب ، والفضّة ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والملح.
واختلف العامّة بعد ذلك في العلّة فيما عداها فقال أبو حنيفة الجنسيّة والتقدير وقال الشافعيّ مع ذلك الطعم والثمنيّة وقال مالك : القوت والادّخار ، وعن أحمد روايتان إحداهما كأبي حنيفة ، والأخرى الكيل والمأكوليّة ، ولا يكفي الوزن
__________________
(١) أخرجه في مشكاة المصابيح ص ٢٤٥ من حديث أسامة بن زيد ولفظه : « الربا في النسيئة وفي رواية قال صلىاللهعليهوآله : « لا ربا فيما كان يدا بيد ».