آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً ) (١).
هنا أبحاث :
١ ـ في تفسير الآية وكلماتها :
« يُوصِيكُمُ » أي يأمركم ويعهد إليكم في ميراث أولادكم وإنّما لم يقل للذكر من أولادكم لأنّ الحكم المبهم إذا أبهم ثمّ فسير كان أوقع في النفس وأحفظ لجواز فوات المقصود لو وقع مفسّرا ابتداء وتقديره للذكر منهم ، فحذفت لدلالة الكلام عليه كما حذف في قولهم « البرّ الكرّ بستّين » وقدّم الذّكر لشرفه ولذلك ضوعف حظّه كما ضوعف عقله ودينه والضمير في « كُنَّ نِساءً » للورثة وتأنيثه بتأنيث الخبر كما في قولهم من كانت أمّك وإنما قال « كانَتْ واحِدَةً » ولم يقل بنتاكما قال « نساء » لأن الغرض هنا الامتياز في العدد ، وهناك الامتياز في الصنف ، والضمير في « أبويه » للميّت يفسّره سياق الكلام. و « لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا » بدل منه بدل البعض عن الكلّ وباقي الفوائد تأتي في محلّها.
٢ ـ دلّت الآية الكريمة على اجتماع الأولاد والأبوين في الميراث فيكون النوعان في مرتبة واحدة ، يرث كل واحد من النوعين مع صاحبه ، ولو انفرد أحد النوعين عن الآخر حاز الإرث ، ثمّ إنّه تعالى ذكر أحوال الذكور مع الإناث وأحوال الإناث منفردات وحال الأبوين منفردين وحال الأبوين مع الأولاد ، ولم يذكر حال الذكور منفردين ، فيرد سؤال عن علّته والجواب أنه لمّا ذكر الإناث منفردات ، وفصل بين الواحدة والأكثر ، علم أنّ الذكور يتساوون وإلّا لفصّلهم كما فصّل الإناث وحينئذ لم يحتج إلى ذكرهم.
٣ ـ أنّه ذكر أنّ الواحدة من الإناث لها النصف ، وأنّ النساء فوق اثنتين
__________________
(١) النساء : ٢.