مرّتان » ليس إخبارا وإلّا لزم الكذب ، بل بمعنى الأمر أي ليكن الطّلاق مرّتين مثل قوله تعالى ( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) (١) أي يجب أن تؤمنوه.
ثمّ إنّ الأصحاب لمّا حكموا بتحريم الثلاث المرسلة ، والثنتين المرسلتين ، وأنّ ذلك بدعة اختلفوا في أنّه هل يقع واحدة بقوله « أنت طالق » وتلغو الضميمة والتفسير؟ أم لا يقع شيء؟ قال جماعة بالأوّل وهو الحق (٢) لأنّ قصد الكلّ
__________________
أن يتبعها بتطليقتين آخرتين عند القرئين فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال يا ابن عمر ما هكذا أمرك الله تعالى : انك أخطأت السنة ، والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء.
وقال : فأمرني رسول الله صلىاللهعليهوآله فراجعتها ، ثم قال : إذا هي طهرت فطلق عند ذلك ، فقلت يا رسول الله أرأيت لو طلقتها ثلاثا أكان يحل لي أن أراجعها قال : لا كانت تبين منك وتكون معصية رواه الدارقطنى.
قلت ومثله في أحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ٤٥١.
قال في نيل الأوطار : وقد استدل القائلون بأن الثلاث تقع بأحاديث من جملتها هذا الحديث وأجاب عنه القائلون بأنها تقع واحدة فقط ، بعدم صلاحيته للاحتجاج لما سلف على أن لفظ الثلاث محتمل ( يعنى يحتمل بالتفاريق ).
وقال الشيخ في الخلاف المسئلة الثانية من كتاب الطلاق ( ج ٢ ص ٢٢٦ ) فأما قول النبي حين سأله « لو طلقتها ثلاثا؟ قال : بانت امرأتك وعصيت ربك » ليس في ظاهره أنه قال : « لو طلقتها ثلاثا وهي حائض » بل لا يمتنع انه أراد لو طلقها ثلاثا للسنة بانت منه وعصى ربه إذا كان الطلاق مكروها بأن تكون الحال حال سلامة ، وارتكاب المكروه يقال فيه أنه عصى ربه كما بين في غير موضع.
(١) آل عمران : ٩٧.
(٢) ولأن صيغة الطلاق بعد أن وقعت من الزوج ، لا يكون الضميمة موجبة لبطلانها بل تكون مؤكدة لها ، أو لغوا من القول ، وقد وردت الروايات عن أهل البيت عليهمالسلام بذلك ، ففي صحيحة جميل بن دراج عن أحدهما أنه سئل عن الذي طلق في حال الطهر في مجلس واحد ثلاثا ، قال عليهالسلام : هي واحدة ، راجع الوافي الجزء الثاني عشر ص ١٥٩ ح ١ و ٢ ، وأخبار أخر تجدها فيه وفي الوسائل وغيرهما من كتب الاخبار.