استثنى الأزواج فيسقط التحفّظ في الطرفين مطلقا ولأنّه منفعة تتوق النفس إليها عارية عن مانع عقلي أو شرعي ، فتكون مباحة ، أمّا الأولى فلأنّه الفرض ، وأمّا الثانية فظاهر إذ لا مانع عقليّ وأمّا الشرعيّ فلما يأتي في جواب المانع.
احتجّوا بقوله ( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) (١) والمأمور به هو القبل ، برواية أبي هريرة عنه صلىاللهعليهوآله « لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها » (٢) وبرواية خزيمة عنه صلىاللهعليهوآله « أنّ الله لا يستحيي من الحقّ » قالها ثلاثا « لا تأتوا النّساء في أدبارهنّ » (٣).
والجواب عن الآية المنع من دلالتها على موضع النزاع ، فانّ المراد بالأمر الإباحة ، والمكروه مباح ، فيكون التقدير من حيث أباحكم ، إن قيل إنّ الأمر حقيقة في الوجوب قلنا فحينئذ يكون المأمور به القبل ولا يدلّ على المنع من إباحة الآخر على أنّا نقول إنّ ذلك متروك الظاهر بالإجماع ، فإنّه لا يجب أن يطأ عقيب الطهارة ، بل ولا يستحبّ بل يباح وأبو هريرة كذّاب ويروى أنّ عمر أدّبه على كذبه بالدّرّة ، مع أنّه لا يلزم منه التحريم ، لجواز عدم النظر ، لكراهته وخبر خزيمة خبر واحد ، مع أنّه معارض بأخبار كثيرة من طرق أهل البيت عليهمالسلام (٤).
قوله : و « قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ » قيل : المراد التسمية عند الجماع ، وقيل :
__________________
(١) البقرة : ٢٢٢.
(٢) رواه في شرح السنة على ما في مشكاة المصابيح ص ٢٧٦ وقد روى مثله عن ابن عباس.
(٣) أخرجه الشافعي في الأم وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن ماجة وابن المنذر والبيهقي في سننه من طرق راجع الدر المنثور ج ١ ص ٢٦٤.
(٤) راجع الوسائل ب ٧٣ من أبواب مقدمات النكاح ، وقد روى من طرق أهل السنة روايات كثيرة في الجواز كما في الدر المنثور ج ١ ص ٢٦٥ ـ ٢٦٧.