ذلك فالتقييد للنهي بحال الاستبدال لأجل السّبب وقد تقرّر في الأصول أنّ خصوص السبب لا يخصص.
٤ ـ قيل الآية منسوخة بقوله « فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) (١) » وقيل : بل هي محكمة غير منسوخة ، وهو قول الأكثر وهو الأصحّ لأنّ النهي فيها مقيّد بالبهتان ، وهو نوع من الإكراه ولا كلام أنّ مع إكراه الزوجة على الافتداء ، لا يقع الملك ولا يتم الخلع.
الثالثة ( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) (٢).
المراد بالمسّ الجماع والفرض التقدير ، والمراد بالفريضة المهر المقدّر ، ففعيل هنا بمعنى مفعول ، والتاء لنقل اللّفظ إلى الاسميّة ، والمتعة والإمتاع بمعنى النفع والفائدة وأوسع الرّجل إذا صار ذا سعة من المال ، وأقتر إذا صار ذا إقتار ، بمعنى الضيق ضدّ السّعة أو صار ذا قترة ، وهي الغبار ومنه قوله تعالى ( تَرْهَقُها قَتَرَةٌ ) (٣) كأنه لفقره يتغيّر حليته فكأنّ عليه غبارا و « ما » هنا بمعنى المدّة أي مدّة لم تمسّوهنّ و « مَتاعاً » اسم للمصدر بمعنى التمتيع كالسلام بمعنى التسليم وهو منصوب على المصدرية و « حَقًّا » صفة له إذا تقرّر هذا فهنا فوائد :
١ ـ أنّ « أو » في « أَوْ تَفْرِضُوا » يحتمل أن يكون بمعنى الواو ، وأن يكون للترديد ، وأن يكون بمعنى « إلّا أن » فعلى الأوّل يكون منطوق الآية أنّكم إن طلّقتم النّساء قبل مسّهنّ وقبل فرضكم لهنّ مهرا فلا جناح عليكم ، قدّم جواب الشرط عليه.
__________________
(١) البقرة : ٢٢٩.
(٢) البقرة : ٢٣٦.
(٣) عبس : ٤١.