بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً ) (١).
القنطار المال الكثير ، والبهتان هو أن ينسب الإنسان غيره إلى فعل أو قول يسوؤه إذا سمعه ، وهو بريء منه ، وانتصابه وانتصاب « إِثْماً » على المفعول له إلّا أنّ « بُهْتاناً » سبب فاعليّ و « الإثم » سبب غائيّ بمعنى أنّ سبب أخذ المال بهتانه على زوجته ، ويؤول أخذه إلى الإثم ، فاللّام المقدّرة في « إثما » لام العاقبة لأنّ أخذ المال ليس لأجل الإثم ، لا أنّهما حالان بمعنى باهتين وآثمين كما قال الزمخشري لأنّ الأخذ ليس في حال البهتان بل مسبوق به والاستفهام على سبيل الإنكار و « مبينا » أي مظهرا لخساسة أنفسكم ثمّ أعاد الإنكار بقوله و « كَيْفَ » والحال أنّه « قَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ » والإفضاء الوصول وهو هنا كناية عن الجماع ، والميثاق الغليظ العهد الوثيق ، وقيل هو عقد النكاح ، وقيل هو حق الصّحبة والممازجة ، وقد قيل صحبة عشرين يوما قرابة ، فكيف صحبة الزوجين ، وقيل الميثاق هو ما أوثق الله عليه في قوله « فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ » وقول النبيّ صلىاللهعليهوآله « أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله (٢) [ عن الباقر عليهالسلام ] إذا تقرّر هذا فهنا فوائد :
١ ـ في الآية دلالة على عدم تقدير المهر بقدر بل بحسب ما يتراضيان عليه ولذلك لمّا منع عمر عن المغالاة في الصّداق على المنبر قالت له امرأة : أتمنعنا ما جعله الله لنا وتلت الآية ، فقال كل أفقه من عمر حتّى النساء ورجع عن رأيه (٣).
٢ ـ فيها دلالة على استقرار المهر بالدخول لتعليل الإنكار بالإفضاء.
٣ ـ روي أنّ الرّجل منهم كان إذا أراد أن يتزوّج جديدة بهت الّتي تحته بالفاحشة حتّى يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها ليجعله مهرا للجديدة ، فنهوا عن
__________________
(١) النساء : ٢٠.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة عن عكرمة ومجاهد كما في الدر المنثور ج ٢ ص ١٣٤. وتراه في المعاني للصدوق ص ٢١٢.
(٣) الدر المنثور ج ٢ ص ١٣٣.