التناكح لا يحصل إلّا بالمحبّة بين الزوجين ، ولذلك جعل سبحانه وتعالى المودّة بينهما من الآيات حيث قال ( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) (١) والمحبّة لا تحصل إلّا بالإنس والاجتماع ، فكان الانس والاجتماع مطلوبين له.
ولمّا كان النسب موجبا للمودّة والمحبّة ، لم يكن الاجتماع فيه مطلوبا لحصوله ، فلذلك لم يشرع نكاح الأقارب لحصول المودّة والاجتماع بينهم بدون النكاح ، وأمّا الأجانب فحيث فاتهم اجتماع النسب ندب إلى اجتماع السبب النكاحيّ لهم ، ولو ندب الأنساب إلى ذلك لكان ضائعا لا فائدة فيه لحصوله مع حرمان الأجانب [ عن ] ذلك ، فيفوت الاجتماع المطلوب لله من الناس.
ولذلك إذا ضعف الاجتماع النسبي كبنات العمّ والخال ، وبنات العمّة والخالة ، جبر الضعف بالإذن في نكاحهنّ ، ولمّا كان الرضاع موجبا لانفعال المزاج عن لبن المرضعة ولذلك قال النبيّ صلىاللهعليهوآله « الرضاع يغيّر الطباع » (٢) كان فيه اجتماع أيضا مشابه لاجتماع النسب فكان حكمه حكمه في تحريم النكاح.
ولمّا كانت الطباع تنفر عن المشاركة في الخيرات وتحبّ الاختصاص بها كانت المشاركة ملزومة للتباغض المنافي للمحبّة ، ولذلك حرّم الجمع بين الأختين
__________________
(١) الروم : ٢١.
(٢) أخرجه الذهبي في ميزان الاعتدال ج ٢ ص ٢٩٦ ـ الرقم ٣٨٠٩ في ترجمة صالح بن عبد الجبار ، وقال أتى بخبر منكر جدا ـ ثم ساق الحديث وهكذا أخرجه في لسان الميزان ج ٣ ص ١٧٢ ـ الرقم ٦٩٨ ، وأخرجه السيوطي في الجامع الصغير كما في فيض القدير ج ٤ ص ٥٥ ـ الرقم ٤٥٢٥ ، والسراج المنير ج ٢ ص ٢٩٦ ، نقله عن القضاعي عن ابن عباس وجعل عليه رمز الضعف ، وقال المناوى في شرحه قال شارح الشهاب حديث حسن ، وقال العزيزي في شرح الحديث يعنى أن الرضاع بغير الصبي عن لحوقه بطبع والدية للطف مزاجه ، فينبغي للوالدين طلب مرضعة طيبة الأصل حسنة الأخلاق.
وأخرجه في الوسائل ب ٨٧ من أبواب أحكام الأولاد ح ٥ عن على عليهالسلام : انه كان يقول : تخيروا للرضاع كما تخيرون للنكاح فان الرضاع بغير الطباع.