فقال له في الجواب : الكثير ثمانون ، فقال يا مولاي إذا قال لي : من أين له ذلك؟ فما أقول؟ فقال قل له لقوله تعالى « ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ) (١) » فعدّدنا تلك المواطن ، فكانت ثمانين.
وفي هذه فروع :
١ ـ قال الصدوق يتصدّق بثمانين ، ولم يعيّن درهما وقال الشيخان ثمانون درهما ، وفصّل ابن إدريس بأنّه إن كان في عرفهم المعاملة بالدراهم ، فثمانون درهما ، وإن كان بالدنانير فثمانون دينارا ، والتفصيل حسن ، لكن قول الشيخين أقوى لما تقرر في الأصول أنّه يحتمل المطلق على المقيّد وفي رواية الحضرميّ عن الصادق عليهالسلام قيّد بالدّراهم (٢).
٢ ـ لو قال بكثير من الغنم أو البقر ، كان ثمانين أيضا ، وكذا لو قال صوم كثير ، أو غير ذلك من المقيّد بالكثرة.
٣ ـ هل يتعدى الكثير إلى الإقرار ، حتّى لو قال : « له عليّ مال كثير » كان ثمانين كما قلنا هنا أولا ، يحتمل ذلك للعلّة والاستعمال ، والأصل الحقيقة ويحتمل العدم لعدم التحديد لغة وعرفا ، ووروده في النذر لا يستلزم كونه حقيقة في المعيّن ، لأنّ الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز ، خصوصا مع وروده في صور كثيرة من غير تقدير بثمانين كقوله « و ( اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً ) (٣) » و « ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً ) (٤) » وبالأوّل قال الشيخان ، وبالثاني قال ابن إدريس والفاضلان.
__________________
(١) التوبة : ٢٥ ، والحديث في الكافي ج ٧ ص ٤٦٤ ، آخر كتاب الفروع.
(٢) ومثله رواية يوسف بن السخت كما في العياشي ج ٢ ص ٨٤.
(٣) الأحزاب : ٤١.
(٤) البقرة : ٢٤٩.