واحتجم. وقرئ قيّما بمعنى قياما وفي الشواذّ قواما وقوام الشيء ما يقام به
كما يقال هو ملاك الأمر لما يملك به.
وقال الفقهاء
ومحقّقوا المفسّرين : إنّ الخطاب للأولياء أمروا بأن يمسكوا أموال اليتامى إلى وقت
بلوغهم ورشدهم ، وينفقوا عليهم ويؤيّده قوله «
وَارْزُقُوهُمْ
فِيها وَاكْسُوهُمْ » وإنّما أضاف الأموال إليهم لأنّها من جنس ما يقيم به
الناس معايشهم كما قال الله تعالى « وَلا تَقْتُلُوا
أَنْفُسَكُمْ » وهذا أقرب وأولى ، لأنّه ملائم للآيات المتقدمة
والمتأخّرة ، وأيضا هو حمل اللّفظ على حقيقته العرفيّة فإنّ السفيه في عرف الفقهاء
هو الّذي يصرف أمواله في غير الأغراض الصّحيحة وذلك مناسب للحجر عليه ، وإنّما
أضاف الأموال إلى الأولياء لأنّها في تصرفهم وتحت ولايتهم فالإضافة لمطلق
الاختصاص.
وقوله «
وَقُولُوا
لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً » هو الوعد بالتسليم إليهم عند رشدهم وحضّهم على سولك طريق
الصّواب في تصرفاتهم وهنا فوائد :
١ ـ إنّما ذكر
الحجر على السّفيه منفردا بآية مع أنّ ذلك معلوم من قوله «
فَإِنْ
آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً » للدلالة على أنّ السّفه علية برأسه في الحجر ، سواء كان
للصبيّ أو البالغ ، وسواء كان تابعا للصبي أو طارئا بعد البلوغ والرشد ، خلافا
لأبي حنيفة فإنّه لا يحجر على البالغ العاقل للسّفه والتبذير وخالفه صاحباه ،
وتصرّفه عنده جائز وإن لم يوافق مصلحته.
٢ ـ تعليق
الحكم على الوصف مشعر بالعلّيّة عند الأكثر ، فهل بمجرّد ظهور السفه يقع الحجر به
أو لا بدّ من حكم الحاكم؟ قيل بالأوّل لحصول العلّة ، وقيل بالثاني لأنّها مسئلة
اجتهاديّة فتفتقر إلى نظر وضبط فيتوقّف على الحاكم ، وكذا الخلاف في أنّه هل يزول
الحجر بزواله ، أو لا بدّ من الحكم ، والحقّ الأوّل في المسئلتين مع التحقّق.
٣ ـ الحجر على
السفيه مختصّ بالتصرف الماليّ عملا بالعلّة ، فيقع تصرفه في غير المال كاستيفاء
القصاص والطلاق وغيرهما بخلاف الصّبيّ والبالغ غير الرشد