علمت ، وما أكثر ما تجهل من الأمر ويتحيّر فيه رأيك ، ويضلُّ فيه بصرك ، ثمّ تبصره بعد ذلك ... ) ( ولا تظلم كما لا تحبّ أن تُظلم ... ). انظر تمام الوصيّة في الجزء ٣ ص ٣٧ ـ ٥٧ » (١).
إنّ كلامه عليهالسلام هنا في وصيّته لابنه الحسن عليهالسلام يجري مجرىٰ قوله تعالىٰ للنبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَبِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) (٢) ، وأمثالها من الآيات الكريمة ، مع علم الله تعالىٰ بأنّ نبيّه الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم لن يشرك ، وأنّه لن يحبط عمله ، وإلاّ لمْ يُبعث نبيّاً (٣).
وقد أجمع المسلمون علىٰ عصمته صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد البعثة اتّفاقاً قولاً واحداً ، بل علىٰ عصمة الأنبياء جميعاً بعد نبوّتهم (٤).
وإنّما أراد سبحانه بذلك ـ أي في الآية المتقدّمة ـ بيان شدّة قبح الشرك وسوء عاقبته ، ولا يوجد شيء يمنع أن يذكر مثل هذا المعنىٰ أيضاً
__________________
(١) ص ٢٨ ـ ٢٩.
(٢) سورة الزمر : الآية ٦٥.
(٣) قال تعالىٰ : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَا هِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَت فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِى قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِى الظَّلِمِينَ ). سورة البقرة : الآية ١٢٤ ..
و : ( يَٰبُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ). سورة لقمان : الآية ١٣ ..
و : ( وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَدًا سُبْحَٰنَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ). سورة الأنبياء : الآيات ٢٦ إلىٰ ٢٨. إلىٰ غيرها من الآيات الدالّة في المقام.
(٤) انظر : إرشاد الفحول : ٣٤.