وآذاناً واعيات ، كما في قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام عند نزول قوله تعالىٰ : ( وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) (١) : « سألت الله أن يجعلها أُذنك يا عليّ ». قال عليّ : « فما نسيت شيئاً بعد ذلك وما كان لي أن أنسىٰ » (٢).
كلّ هذا مع ملاحظة : أنّ القرآن لا يدّعي أحد بأنّ نقله قد تمّ عن فلان الثقة عن مثله وهكذا ؛ إذ لم يثبت بهذه الطريقة ، وإنّما ثبت القرآن بالتواتر جيلاً عن جيل ، وعصر عن عصر ، وقرن عن قرن ، وأُمّة عن أُمّة ، ولهذا لا يُلتفت حينئذ لتوثيق الأفراد فرداً فرداً عند التواتر ، فلا تثبت عدالة جميع الصحابة ; لأنّها لا تشترط في ثبوت القرآن وإثباته !!
وهنا أودّ أن أسأل الكاتب سؤالين يتعلّقان بكلامه السابق :
ماذا تقول لو أوقفتك الأدلّة علىٰ نفاق أو فسق أو بغي أحد من الأصحاب ؟ فهل تطمئن بعد ذلك إلىٰ روايته للكتاب والسُنّة وتأخذهما عنه ، مع أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أخبرنا بأنّ المنافق إذا حدّث كذّبَ ، وأنّ الفاسق يبيع دينه بأكلة ، وأنّ الباغي مائل عن الحقّ ؟!
فإن قلت : نعم ؛ فاقرأ علىٰ دينك السلام.
وإن قلت : لا ؛ فعليك أن تتخلّىٰ إذاً عن قولك بخيرية الصحابة جميعاً ، وتبدأ بالبحث عن المؤمنين الصادقين منهم لتأخذ دينك عنهم.
وهذا ما فعله الشيعة الأبرار ; إذ ميّزوا بين الغث والسمين في
__________________
(١) سورة الحاقة : الآية ١٢.
(٢) راجع تفسير الآية في تفاسير : الطبري ، والسيوطي ، والرازي ، وابن كثير ، والقرطبي ، والشوكاني ، وغيرهم.